للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد في صفر، وقيل: في نصف المحرم سنة أربع وثمانين وستمائة، وشوهد منه أنه ولد وكفّاه مقبوضتان ففتحتهما الدّاية فسال منهما دم كثير، ثم صار [١] يقبضهما، فإذا فتحهما سال منهما دم كثير، فأوّل ذلك بأنه يسفك على يديه دماء كثيرة، فكان كذلك. وولي السلطنة عقب قتل أخيه الأشرف وعمره تسع سنين، فولي السلطنة سنة إلّا ثلاثة أيام، ثم خلع بكتبغا، وكان كتبغا قد جهّز النّاصر إلى الكرك بعد أن حلف له أنه إذا ترعرع وترجّل يفرغ له عن المملكة بشرط أن يعطيه مملكة الشام استقلالا، ثم أحضر الناصر من الكرك إلى مصر سنة ثمان وتسعين وسلطنوه ثانيا، واستقرّ بيبرس الجاشنكير دويدارا وسلّار نائبا في السلطنة، ولم يكن للناصر معهما حكم البتة واستقرّ أقش الأفرم نائب دمشق، وحضر الناصر وقعة غازان سنة تسع وتسعين، وثبت الناصر الثبات القوي، وجرى لغازان بدمشق ما اشتهر، وقطعت خطبة الناصر من دمشق مدة ثم أعيدت فتحرّك غازان في العود، فوصل إلى حلب، ثم رجع.

وفي شعبان سنة اثنتين وسبعمائة كانت وقعة شقحب، وكان للناصر [٢] فيها اليد البيضاء من الثبات والفتك ووقع النّصر للمسلمين.

ثم في سنة ثمان وسبعمائة أظهر الناصر أنه يطلب الحجّ، فتوجه إلى الكرك، وأقام بها، وطرد نائب الكرك إلى مصر، وأعرض عن المملكة لاستبداد سلّار، وبيبرس دونه بالأمور، وكتب الناصر إلى الأمراء بمصر يترقق لهم، ويستعفيهم من السلطنة، ويسألهم أن يتركوا له الكرك، فوافقوه على ذلك، وتسلطن بيبرس الجاشنكير، ثم قصد الناصر مصر في سنة تسع وسبعمائة فاستقرّ في دست سلطنته يوم عيد الفطر، ولما استقرّت قدمه قبض على أكثر الأمراء، وعزل، وولي، وحجّ، وجدّد خيرات كثيرة، وبنى جوامع، ومدارس، وخوانق، وفتحت في أيامه ملطية،


و «فوات الوفيات» (٢/ ٢٦٣) و «الدّرر الكامنة» (٤/ ١٤٤) .
[١] تحرفت في «ط» إلى «سار» .
[٢] هو الملك الناصر محمد بن قلاوون بن عبد الله الصالحي. انظر ترجمته في «الوافي بالوفيات» (٤/ ٣٥٣) و «ذيول العبر» ص (٢٢٤) و «الدّرر الكامنة» (٤/ ١٤٤- ١٤٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>