وفيها القاضي جمال الدّين أبو الطيّب الحسين بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمّام بن يوسف بن موسى بن تمّام الأنصاري الخزرجي السّبكي المصري ثم الدمشقي الشافعي [١] .
ولد في رجب سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وأحضره أبوه التّقي السّبكي على جماعة من المشايخ، وسمع «البخاري» على الحجّار لمّا ورد مصر، وتفقه على والده وعلى الزّنكلوني وغيره، وأخذ النّحو عن أبي حيّان، والأصول عن الأصفهاني، وقدم دمشق مع والده سنة تسع وثلاثين، ثم طلب الحديث بنفسه، فقرأ على المزّي، والذهبي، وغيرهما. ثم رجع إلى مصر، ثم عاد إلى الشام.
وأفتى، وناظر، وناب عن والده في القضاء سنة خمس وأربعين، ودرّس بالشّامية البرّانية والعذراويّة، وغيرهما.
قال ابن كثير: كان يحكم جيدا، نظيف العرض في ذلك، وأفتى وتصدّر، وكان لديه فضيلة.
وقال أخوه في «الطبقات الكبرى» : كان من أذكياء العالم، وكان عجبا في استحضار «التسهيل» ودرّس بالأجر على «الحاوي الصغير» وكان عجبا في استحضاره، ومن شعره ملغزا ولعله في ريباس:
يا أيّها البحر علما والغمام ندى ... ومن به أضحت الأيّام مفتخره
أشكو إليك حبيبا قد كلفت به ... مورّد الخدّ سبحان الّذي فطره
خمساه قد أصبحا في زيّ عارضه ... وفيه بأس شديد قلّ من قهره
لا ريب فيه وفيه الرّيب أجمعه ... وفيه يبس ولين القامة النّضره