توفي ليلة الجمعة خامس ذي القعدة، ودفن بعد صلاة العصر بمقبرة الصّوفية بمصر.
وفيها أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد الشريف الحسيني [١] الفقيه الجليل النّبيه، رئيس العلوم اللّسانية بالأندلس، وقاضي الجماعة بها.
قال المقرئ المغربي المتأخر في كتابه «تعريف ابن الخطيب في ذكر مشايخ لسان الدّين بن الخطيب» : كان هذا الشريف آية الله الباهرة في العربية والبيان والأدب.
قال محمد بن علي بن الصبّاغ العقيلي: كان آية زمانه وأزمة البيان طوع بنانه، له «شرح المقصورة القرطاجنية» ، أغرب ما تتحلى به الآذان، وأبدع ما ينشرح له الجنان إلى العقل الذي لا يدرك، والفضل الذي حمد منه المسلك، جرت بينه وبين الوالد نادرة، وذلك أن الوالد دخل عليه يوما لأداء شهادة، فوجد بين يديه جماعة من الغزاة يؤدون شهادة أيضا، فسمع القاضي منهم وقال: هل ثمّ من يعرفكم؟ فقالوا: نعم يعرفنا سيدي علي الصباغ، فقال القاضي: أتعرفهم يا أبا الحسن؟ فقال: نعم يا سيدي معرفة محمد بن يزيد، فما أنكر عليه شيئا، بل قال لهم: عرف الفقيه أبو الحسن ما عنده، فانظروا من يعرف معه رسم حالكم، فانصرفوا راضين، ولم يرتهن والدي في شيء من حالهم، ولا كشف القاضي لهم ستر القضية.
قال محمد بن الصباغ: أما قول والدي معرفة محمد بن يزيد فإشارة إلى قول الشاعر:
أسائل عن ثمالة كلّ حيّ ... فكلّهم يقول وما ثماله؟
فقلت محمّد بن يزيد منهم ... فقالوا الآن زدت بهم جهاله
[١] انظر «الدّرر الكامنة» (٣/ ٣٥٢- ٣٥٣) و «قضاة الأندلس» ص (١٧١- ١٧٦) و «الدّيباج المذهب» ص (٢٩٠) مصورة دار الكتب العلمية ببيروت و «الأعلام» (٥/ ٣٢٧) ونسبته في بعض المصادر «الحسني» .