الحديث، ويتهجر بحفظ التاريخ والأخبار والآداب، ويشارك مشاركة فاضلة في الأصلين والمنطق والجدل، ويكتب ويشعر مصيبا، غرض الإصابة، ويتكلم في طريقة الصّوفية كلام أرباب المقال، ويعتني بالتدوين فيها شرّق وحجّ ولقي جلة ثم عاد إلى بلده فأقرأ به وانقطع إلى خدمة العلم.
وقال المقّري في هذه الترجمة: سأل ابن فرحون ابن حكم هل تجد في التنزيل ست فاءات مرتبة ترتيبها في هذا البيت:
ففكر ثم قال: نعم فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ من رَبِّكَ ٦٨: ١٩ [القلم: ١٩] إلى آخرها، ثم قال لابن فرحون: هل عندك غيره، فقال: نعم فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ الله ٩١: ١٣ [الشّمس: ١٣] إلى آخر السورة، وأكثر ما وجدت الفاء تنتهي في كلامهم إلى هذا العدد.
وقال المقرّي صاحب الترجمة: رأيت بجامع الفسطاط من مصر فقيرا عليه قميص إلى جانبه دفاسة قائمة وبين يديه قلنسوة، فذكر لي هنالك أنهما محشوتان بالبرادة، وأن زنة الدفاسة أربعمائة رطل مصرية، وهي ثلاثمائة وخمسون مغربية، وزنة القلنسوة مائتا رطل مصرية، فعمدت إلى الدفاسة فأخذتها من طرفها أنا ورجل آخر وأملناها بالجهد فلم نصل بها إلى الأرض، وعمدت إلى القلنسوة فأخذتها من أصبع كان في رأسها فلم أطق حملها فتركتها، وكان يوم جمعة، فلما قضيت الصّلاة مررنا في جملة من أصحابنا بالفقير فوجدناه لابسا تلك الدفاسة في عنقه واضعا تلك القلنسوة على رأسه فقام إلينا وإلى غيرنا ومشى بهما كما يمشي أحدنا بثيابه، فجعلنا نتعجب ويشهد بعضنا بعضا على ما رأى، ولم يكن بالعظيم الخلقة.
وقال: لما حللت ببيت المقدس وعرف به مكاني من الطلب، سألني بعض الطلبة بحضرة قاضيها فقال: إنكم معشر المالكية تبيحون للشامي يمرّ بالمدينة أن يتعدى ميقاتها إلى الجحفة، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد أن عيّن المواقيت لأهل