للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروى [١] أن ذا الرّمّة لم ير ميّة قطّ إلّا في برقع، فأحبّ أن ينظر إلى وجهها فقال:

جزى الله البراقع من ثياب ... عن الفتيان شرّا ما بقينا

بوارين الملاح فلا نراها ... ويخفين القباح فيزدهينا [٢]

فنزعت البرقع عن وجهها فقال:

على وجه ميّ مسحة من ملاحة ... وتحت الثّياب العرّ [٣] لو كان باديا [٤]


خرقاء أهو لقب لميّة، أم هو اسم لغيرها؟ .. وقد نقل في «الخزانة» (١/ ٥٢) عن ثعلب قوله: وكان ذو الرّمّة يسمي ميّة خرقاء لقولها: إني خرقاء. وذهب ابن قتيبة في «الشعر والشعراء» ص (٥٠٩) إلى قوله: وكان يشبب أيضا بخرقاء. وهي من بني البكاء بن عامر بن صعصعة. وقد ورد هذا النسب في «جمهرة الأنساب» ص (٦٤) ، و «صفة جزيرة العرب» للهمداني ص (٣٣٤) ، و «معاهد التنصيص» (٢/ ٢٦٢) ، و «شواهد المغني» للسيوطي (١٥٠) ، و «الخزانة» (٤/ ٤٩٥) ، و «الصحاح» ، و «اللسان» ، و «القاموس» (خرق) ، أما صاحب الأغاني (١٦/ ١١٦- ١٢٠) فهو يذكر حينا أن خرقاء لقب لمية، ويذكر حينا آخر أنه لقب أو اسم لامرأة من بني عامر، وينقل أن ميّة أغضبت ذا الرّمّة فتغزل بخرقاء، يريد أن يغيظها بذلك، فقال فيها قصيدتين أو ثلاثا، ثم لم يلبث أن مات. وقد عمدت إلى استعراض «الديوان» كله، فرأيت ذا الرّمّة ذكر خرقاء وحدها في قصيدتين فقط، وذكرها مع ميّة في سبع قصائد، ويكاد الناظر في هذه القصائد المشتركة بينهما يجزم بأن خرقاء غير ميّة، ولا سيما أن الشاعر ما يلبث بعد ذكره ميّة في مطلع القصيدة (٥) أن يتغزل بحسان ربيعة عامر وهم قوم خرقاء كما تقدم. بل إن أبا الفرج يعدد الأسباب التي قيلت في سبب عدوله إلى خرقاء «الأغاني» (١٦/ ١١٩) . وهكذا لا نجد بدا من ترجيح ما ذهب إليه الأصمعي هنا، ولا سيما أن أبا نصر يذكر بعد قليل نسب خرقاء، وينقل خبرا عن لقاء محمد بن الحجّاج الأسدي بها، كما ينقل ابن قتيبة لقاء المفضل الضبي بها. ثم إن أبا الفرج يذكر أخبارا كثيرة عن خرقاء ويورد شعرا للقحيف العقيلي يتغزل فيه بها، وانظر «الأغاني» (٢٠/ ١٤٠) .
[١] في الأصل، والمطبوع: «يروى» وقد أثبت الواو من «وفيات الأعيان» .
[٢] البيان في ملحق «ديوانه» (٣/ ١٩١٧) .
[٣] في المطبوع، و «وفيات الأعيان» : «العار» ، وفي ملحق «الديوان» : «الخزي» ، والعرّ:
الجرب. انظر «لسان العرب» (عرر) .
[٤] البيت في ملحق «ديوانه» (٣/ ١٩٢١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>