ولد سنة ثلاث وثلاثين، وتعاني الآداب، فكان أحد الأذكياء، وكان أديبا، فاضلا، أعجوبة في حلّ المترجم.
وهو القائل:
نادى مناد لقرط ... فطاف سمع البريّه
وشنّف الأذن منه ... قرط أتى للرعيّه
وكان لا يسمع شعرا ولا حكاية إلّا ويخبر بعدد حروفها فلا يخطئ، جرّب ذلك عليه مرارا.
مات في ذي القعدة. قاله ابن حجر.
وفيها نجم الدّين أبو العباس أحمد بن عثمان بن عيسى بن حسن بن حسين بن عبد المحسن الياسوفي الأصل الدمشقي الشافعي، المعروف بابن الجابي [١] .
ولد في آخر سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وسمع الحديث، وكتب بخطه طباقا، و «المشتبه» للذهبي، وأخذ الفقه عن المشايخ الثلاثة: الغزّي، والحسباني، وحجي، وغيرهم، وأخذ الأصول عن البهاء الإخميمي، ودرّس، وأفتى، واشتغل، واشتهر اسمه، وشاع ذكره، وكان أولا فقيرا، ثم تموّل، فإنه ورث هو وابنه مالا من جهة زوجته، وكثر ماله ونما، واتسعت عليه الدنيا، وسافر إلى مصر في تجارة، وحصل له وجاهة بالقاهرة، بكاتب السرّ الأوحد، وولي تدريس الظّاهرية، أخذها من ابن الشّهيد، وأعاد بالشّامية الجوّانية.
قال الحافظ ابن حجي: برع في الفقه والأصول، وكان يتوقّد ذكاء، سريع الإدراك، حسن المناظرة، ما كان في أصحابنا مثله، له الإقدام والجرأة في المحافل، مع الكلام المتين، وكان ينسب إلى جدّه في بحثه، وربما خرج على من يباحثه، ومع ذلك ما كنت أحبّ مناظرة أحد سواه، ولا يعجبني مباحث غيره،
[١] انظر «إنباء الغمر» (٢/ ١٩٤) و «الدّرر الكامنة» (١/ ٢٠٠) ، و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (٣/ ١٩٩) و «الدارس في تاريخ المدارس» (١/ ٢٤١) .