للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتعهد للصالحين، وكان السلاطين من بلاد سراي قد فوّضوا إليه النظر على أوقافهم، فكانت تحمل إليه الأموال من أقطار البلاد ولا يتناول لنفسه ولا لعياله شيئا. وكان يقول: أنا أتجنبه ليرزقني الله ولدا صالحا، ثم مات الشيخ سنة ثلاث وستين وخلّف ولده هذا ابن تسع سنين، وقد لاحت آثار النّجابة عليه، فلازم الاشتغال حتّى أتقن كثيرا من العلوم، وتقدم في التدريس والإفادة وهو دون العشرين، ثم رحل من بلاده فما دخل بلدا [١] إلّا عظّمه أهلها [٢] لتقدمه في الفنون ولا سيما فقه الحنفية، ودقائق العربية، والمعاني، وكانت له مع ذلك يد طولى في النّظم والنّثر، ثم حبّب إليه السلوك، فبرع في طريق الصّوفية، وحجّ وجاور، ورزق في الخلوات فتوحات عظيمة، ثم دخل القاهرة، ثم رجع إلى المدينة فجاور بها، ثم رجع فأقام بخانقاه سعيد السعداء، واستقرّ مدرسا للمحدّثين بالظّاهرية الجديدة أول ما فتحت بين القصرين، وقرر مدرسا للصرغتمشية في الحديث أيضا، ثم إن بعض الحسدة دسّ إليه سمّا، فتناوله فطالت علّته بسببه إلى أن مات في المحرم. انتهى.

وفيها صدر الدّين أبو المعالي عبد الخالق، ويقال له أيضا: محمد بن محمد بن محمد الشّعيبي- بالمعجمة والموحدة مصغرا- الإسفراييني [٣] .

ولد سنة أربع وثلاثين، وكان عارفا بالفقه، وحدّث بكتاب «المناسك» تصنيف أبيه عنه، وشرح منه قطعة، وجمع هو كتابا في المناسك أيضا كثير الفائدة [٤] ، وكان مشهورا ببغداد.

مات بفيد [٥] منصرفا من الحجّ في المحرم.


[١] في «ط» : «ثم رحل من بلاده قلما فما دخل ... » وما جاء في «آ» موافق لما في «إنباء الغمر» مصدر المؤلف.
[٢] في «آ» و «ط» : «أهلوها» وأثبت لفظ «إنباء الغمر» مصدر المؤلف.
[٣] انظر «إنباء الغمر» (٢/ ٣٦٩- ٣٧٠) .
[٤] في «آ» : «كثير الفوائد» وما جاء في «ط» موافق لما في «إنباء الغمر» مصدر المؤلّف.
[٥] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «بفند» والتصحيح من «إنباء الغمر» وقال ياقوت في «معجم البلدان» (٤/ ٢٨٢) : وفيد: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة ... يودع الحاج فيها أزوادهم وما يثقل

<<  <  ج: ص:  >  >>