للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى السير ولم أطالع، فذهب وعاد، وقال له: قم بنا إلى السير، فأجابه بالجواب الأول ولم يذهب معه، فذهب الرجل وعاد، وقال له مثل ما قال أولا، فقال:

ما رأيت أبلد منك، ألم أقل لك ما للسير خلقت فقال له: رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- يدعوك فقام منزعجا ولم ينتعل بل خرج حافيا حتّى وصل به إلى مكان خارج البلد به شجيرات، فرأى النّبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- في نفر من أصحابه تحت تلك الشجيرات فتبسم له، وقال: «نرسل إليك المرّة بعد المرّة ولم تأت» . فقال: يا رسول الله ما علمت أنك المرسل وأنت أعلم بما اعتذرت به من سوء فهمي وقلة حفظي، وأشكو إليك ذلك. فقال له رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «افتح فمك» وتفل له فيه ودعا له، ثم أمره بالعود إلى منزله وبشّره بالفتح، فعاد وقد تضلّع علما ونورا. فلما كان من الغد أتى إلى مجلس العضد وجلس مكانه فأورد في أثناء جلوسه أشياء ظنّ رفقته من الطلبة أنها لا معنى لها لما يعهدون منه فلما سمعها العضد بكى وقال:

أمرك يا سعد الدّين إليّ فإنك اليوم غيرك فيما مضى، ثم قام من مجلسه وأجلسه فيه وفخّم أمره من يومئذ. انتهى.

وتوفي- رحمه الله- بسمرقند، وكان سبب موته ما ذكره في «شقائق النّعمان» في ترجمة ابن الجزري أن تيمورلنك جمع بينه وبين السيد الشّريف فأمر التّيمور بتقديم السّيد على السّعد، وقال: لو فرضنا أنكما سيّان في الفضل فله شرف النّسب، فاغتم لذلك العلّامة التّفتازاني وحزن حزنا شديدا فما لبث حتّى مات- رحمه الله تعالى-، وقد وقع ذلك بعد مباحثتهما عنده، وكان الحكم بينهما نعمان الدّين الخوارزمي المعتزلي فرجح كلام السيد الشريف على كلام العلّامة التّفتازاني. انتهى.

وفيها منهاج الدّين الرّومي الحنفي [١] .

كان أعجوبة في قلّة العلم والتلبيس على التّرك في ذلك.


[١] انظر «إنباء الغمر» (٢/ ٣٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>