للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك ولقّب الملك الظاهر، وبايعه الخليفة وهو المتوكل محمد بن المعتضد، والقضاة، والأمراء، ومن تبعهم، وخلعوا الصّالح حاجي بن الأشرف، وأدخل به إلى دور أهله بالقلعة، واستمرّ في الملك إلى وفاته، وجرت عليه أتعاب، وكان شهما شجاعا، ذكيا، خبيرا بالأمور، عارفا بالفروسية، خصوصا اللعب بالرّمح، يحب الفقراء ويتواضع لهم، ويتصدق كثيرا ولا سيما إذا مرض، وأبطل في ولايته كثيرا من المكوس، وضخم ملكه حتّى خطب له على منابر توريز [١] ، وضربت الدنانير والدراهم فيها باسمه، وعلى منابر ماردين والموصل وسنجار وغير ذلك، وكان جهوري الصوت، كبير اللّحية، واسع العينين، محبّا لجمع المال، طمّاعا، جدا.

ومن آثاره المدرسة القائمة بين القصرين بالقاهرة، لم يتقدم بناء مثلها، وعمل جسر الشريعة وانتفع به المسافرون كثيرا. وفي ذلك يقول شمس الدّين محمد المزيّن:

بنى سلطاننا للنّاس جسرا ... بأمر والوجوه له مطيعة

مجازا في الحقيقة للبرايا ... وأمرا بالسّلوك على الشّريعه

وبالجملة فإنه كان أعظم ملوك الجراكسة بلا مدافعة، بل المتعصب يقول:

إنه أعظم ملوك الترك قاطبة.

وتوفي على فراشه ليلة نصف شوال بالقاهرة عن نحو ستين سنة، وترك من الذهب العين ألفي ألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار، ومن الأثاث وغيره ما قيمته ألف ألف دينار [٢] وأربعمائة ألف دينار [٢] . قاله المقريزي.

وعهد بالسلطنة إلى ابنه فرج ولده يومئذ عشر سنين.

وفيها الشيخ الصّالح عبد الله بن سعد بن عبد الكافي المصري ثم المكّي


[١] انظر «تقويم البلدان» ص (٤٠٠) .
[٢، ٢] ما بين الرقمين سقط من «آ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>