للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدل، وقضاء دمشق سنة تسع وستين وسبعمائة، فباشره مدة يسيرة، ثم عاد إلى القاهرة، وسافر إلى حلب سنة ثلاث وتسعين صحبة الظّاهر برقوق، واشتغل بها، ثم عاد صحبة السلطان، وعظم، وصار يجلس في مجلس السلطان فوق قضاة القضاة، وأكب على الأشغال والتصنيف، وانتفع به عامة الطلبة، وأتته الفتاوى من الأقطار.

ومن تصانيفه: شرحان على «الترمذي» «تصحيح المنهاج» لكنه لم يكمل [١] وغير ذلك [١] ، وكان أعجوبة زمانه حفظا واستحضارا.

قال برهان الدّين المحدّث: رأيته فريد دهره، فلم تر عيني أحفظ للفقه ولأحاديث الأحكام منه، ولقد حضرت دروسه وهو يقرئ «مختصر مسلم» للقرطبي [٢] يتكلم على الحديث الواحد من بكرة إلى قريب الظّهر، وربما أذّن الظّهر ولم يفرغ من الحديث الواحد، واعترفت له علماء جميع الأقطار بالحفظ وكثرة الاستحضار. انتهى.

وتزوج بنت ابن عقيل، ولازمه [٣] في شبيبته.

وممن أخذ عنه حافظ دمشق ابن ناصر الدّين وأثنى عليه بالحفظ وغيره، والحافظ ابن الحجر وقال: خرّجت له أربعين حديثا عن أربعين شيخا حدّث بها مرارا، وقرأت عليه «دلائل النّبوة» للبيهقي فشهد لي بالحفظ في المجلس العام، وقرأت عليه دروسا من «الروضة» وأذن لي، وكتب لي [٤] خطه بذلك. انتهى.

وتوفي بالقاهرة نهار الجمعة حادي عشر ذي القعدة وصلّى عليه ولده جلال الدّين عبد الرحمن، ودفن بمدرسته التي أنشأها.


[١] ما بين الرقمين لم يرد في «ط» .
[٢] هو الإمام الحافظ المحدّث أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصاري القرطبي المالكي، المتوفى سنة (٦٥٦) .
وقد تقدمت ترجمته في المجلد السابع ص (٤٧٣) ومختصره لصحيح مسلم طبع في مصر منذ فترة قريبة، وقد صنّف شرحا لمختصره المشار إليه سمّاه «المفهم في شرح مختصر مسلم» وهو شرح نفيس جدير بالنشر والإخراج نظرا لما فيه من الفوائد النافعة.
[٣] في «ط» : «ولازمته» وهو خطأ.
[٤] لفظة «لي» سقطت من «ط» .

<<  <  ج: ص:  >  >>