للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الميدان، ثم تحول منه إلى دار وهدمه وحرقه، وعبر المدينة من باب الصغير، حتى صلّى الجمعة بجامع بني أميّة، وقدّم القاضي الحنفي محمود بن الكشك للخطبة والصلاة، ثم جرت مناظرات [١] بين إمامه عبد الجبّار، وفقهاء دمشق، وهو يترجم عن تيمور بأشياء، منها وقائع علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع معاوية، وما وقع ليزيد بن معاوية مع الحسين، وأن ذلك كلّه كان بمعاونة أهل دمشق له، فإن كانوا استحلوه فهم كفّار، وإلّا فهم عصاة بغاة، وإثم هؤلاء على أولئك، فأجابوه بأجوبة قبل بعضها وردّ البعض، ثم قام من الجامع وجدّ في حصار القلعة حتّى أعياه أمرها، ولم يكن بها يومئذ إلّا نفر يسير جدا، ونصب عليها عدة مناجيق، وعمر تجاها قلعة عظيمة من خشب، فرمى من بالقلعة على القلعة التي عمرها بسهم فيه نار فاحترقت عن آخرها، فأنشأ قلعة أخرى، ثم سلّموها له بعد أربعين يوما بالأمان، ولما أخذ تيمور قلعة دمشق أباح لمن معه النّهب والسّبي [٢] ، والقتل والإحراق، فهجموا المدينة ولم يدعوا بها شيئا قدروا عليه، وطرحوا على أهلها أنواع العذاب، وسبوا النّساء والأولاد، وفجروا بالنساء جهارا، ولا زالوا على ذلك أياما، وألقوا النار في المباني حتّى احترقت بأسرها، ورحل عنها يوم السبت ثالث شعبان سنة ثلاث وثمانمائة، ثم اجتاز بحلب وفعل بأهلها ما قدر عليه، ثم على الرّها وماردين، ثم على بغداد وحصرها أيضا حتى أخذها عنوة في يوم عبد النّحر من السنة ووضع السيف في أهلها، وألزم جميع من معه أن يأتي كل واحد منهم برأسين من رؤوس أهلها، فوقع القتل، حتى سالت الدّماء أنهارا وقد أتوه بما التزموه، فبنى من هذه الرؤوس مائة وعشرين مئذنة، ثم جمع أموالها وأمتعتها وسار إلى قرى باغ فجعلها خرابا بلقعا.

ثم قال ابن حجر: فلما كان سنة أربع وثمانمائة قصد بلاد الرّوم فغلب عليها


أقيمت التكية على عهد العثمانيّين حكام آخر الدول الإسلامية الكبرى. انظر «غوطة دمشق» لكرد علي ص (١٨٥) .
[١] في «ط» : «مناظرة» .
[٢] في «ط» : «والسّلب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>