وأسر صاحبها- أي أبا يزيد بن عثمان- ومات معه في الاعتقال، ودخل الهند، فنازل مملكة المس لمين حتى غلب عليها، وكان مغرى بقتل المسلمين وغزوهم وترك الكفّار، وكان شيخا، طوالا، شكلا، مهولا، طويل اللّحية، حسن الوجه، بطلا شجاعا جبّار، ظلوما، غشوما، سفّاكا للدماء، مقداما على ذلك، وكان أعرج، سلت رجله في أوائل أمره، وكان يصلي عن قيام، وكان جهوري الصّوت، يسلك الجدّ مع القريب والبعيد، ولا يحبّ المزاح، ويحب الشطرنج، وله فيها يد طولى، وزاد فيها جملا وبغلا، وجعل رقعته عشرة في أحد عشر، وكان ماهرا فيه لا يلاعبه فيه إلا الأفراد، وكان يقرّب العلماء، والصّلحاء، والشّجعان، والأشراف، وينزلهم منازلهم، ولكن من خالف أمره أدنى مخالفة استباح دمه، وكانت هيبته لا تدانى بهذا السبب، وما أخرب البلاد إلّا بذلك، وكان من أطاعه في أول وهلة أمن، ومن خالفه أدنى مخالفة وهن، وكان له فكر صائب ومكايد في الحرب، وفراسة قلّ أن تخطئ، وكان عارفا بالتواريخ لإدمانه على سماعها، لا يخلو مجلسه عن قراءة شيء منها، سفرا ولا حضرا، وكان مغرى بمن له صناعة ما، إذا كان حاذقا فيها، وكان أمّيّا لا يحسن الكتابة، وكان حاذقا باللغة الفارسية والتركية والمغلية خاصة، وكان يقدم قواعد جنكز خان ويجعلها أصلا، ولذلك أفنى جمعا جمّا بكفره، مع أن شعائر الإسلام في بلاده ظاهرة، وكان له جواسيس في جميع البلاد التي ملكها والتي لم يملكها، وكانوا ينهون إليه الحوادث الكائنة على جليتها ويكاتبونه بجميع ما يروم، فلا يتوجه إلى جهة إلّا وهو على بصيرة من أمرها، وبلغ من دهائه أنه كان إذا قصد جهة جمع أكابر الدولة وتشاوروا إلى أن يقع الرأي على التوجه في الوقت الفلاني إلى الجهة الفلانية، فيكاتب جواسيس تلك الجهات، فيأخذ أهل تلك الجهة المذكورة حذرها ويأنس غيرها، فإذا ضرب بالنّفير وأصبحوا سائرين ذات الشمال، عرّج بهم ذات اليمين فلا يصل الخبر الثاني إلّا ودهم الجهة التي يريد وأهلها غافلون، وكان أنشأ بظاهر سمرقند بساتين وقصورا عجيبة، وكانت من أعظم النّزه، وبنى عدة قصاب سمّاها بأسماء البلاد الكبار، كحمص، ودمشق، وبغداد، وشيراز. انتهى وقال في «المنهل» وكان يستعمل المركّبات والمعاجين ليستعين بها على