للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افتضاض الأبكار، وخرج من سمرقند في شهر رجب- أي من هذه السنة- قاصدا بلاد الصّين والخطا، وقد اشتدّ البرد حتّى نزل على سيحون وهو جامد فعبره، ومرّ سائرا، واشتد عليه وعلى من معه الرّياح والثلج، وهلكت دوابهم، وتساقط الناس هلكى، ومع ذلك فلا يرقّ لأحد، ولا يبالي بما نزل بالناس، بل يجدّ في السير، فلما وصل إلى مدينة انزار [١] أمر أن يستقطر له الخمر حتّى يستعمله بأدوية حارة وأفاويه لدفع البرد وتقوية الحرارة، وشرع يتناوله ولا يسأل عن أخبار عسكره وما هم فيه، إلى أن أثّرت حرارة ذلك في كبده وأمعائه، فالتهب مزاجه حتّى ضعف بدنه وهو يتجلد ويسير السّير السّريع وأطباؤه يعالجونه بتدبير مزاجه إلى أن صاروا يضعون الثّلج على بطنه لعظم ما بن من التّلهب وهو مطروح مدة ثلاثة أيام، فتلفت كبده وصار يضطرب ولونه يحمر إلى أن هلك في يوم الأربعاء تاسع عشر شعبان وهو نازل بضواحي انزار [١] ، ولم يكن معه من أولاده سوى حفيده خليل بن أميران شاه بن تيمور فملك خزائن جدّه وتسلطن وعاد إلى سمرقند برمّة جدّه إلى أن دفنه على حفيده محمد سلطان بمدرسته، وعلّق بقبته قناديل الذهب، من جملتها قنديل زنته عشرة أرطال دمشقية، وتقصد تربته بالنّذور للتبرك من البلاد البعيدة- لا تقبّل الله ممن يفعل ذلك- وإذا مرّ على هذه المدرسة أمير أو جليل خضع ونزل عن فرسه إجلالا لقبره لما له في صدورهم من الهيبة.

وتوفي عن نيف وثمانين سنة، وخلّف من الأولاد أميران شاه والقآن معين الدّين شاه رخ صاحب هراة، وبنتا يقال لها سلطان بخت، وعدة أحفاد.

انتهى باختصار.

وفيها جمال الدّين أبو المعالي عبد الله بن عمر بن علي بن مبارك الهندي السّعودي الأزهري المعروف بالحلاوي [٢]- بمهملة ولام خفيفة-.

ولد سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وسمع الكثير من يحيى المصري،


[١] لم أعثر على ذكر لها فيما بين يدي من كتب البلدان.
[٢] ترجمته في «إنباء الغمر» (٥/ ٢٣٩) و «الضوء اللامع» (٥/ ٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>