للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث والعربية، تصدّر للإقراء عدة سنين إلى أن توفي فجأة بعد خروجه من الحمّام يوم الاثنين تاسع عشر شعبان.

والبرماوي: نسبة إلى برمة بلدة بالغربية من أعمال القاهرة بالوجه البحري وإليها ينسب جماعة كثيرة من الفقهاء وغيرهم. انتهى.

وفيها فتح الدّين فتح الله بن معتصم بن نفيس الدّاودي التّبريزي الحنفي الطبيب [١] .

ولد سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وقدم مع أبيه إلى القاهرة فمات أبوه وهو صغير فكفله عمّه بديع بن نفيس فتميّز في الطب، وقرأ «المختار» في الفقه، وتردّد إلى مجالس العلم، وتعلم الخطّ، وباشر العلاج، وكان بارع الجمال، فانتزعه برقوق وصار من أخص المماليك عنده، واشتهر، وشاع ذكره، واستقر في رئاسة الطب بعد موت عمّه بديع، ثم عالج برقوق فأعجبه، وكان يدري كثيرا من الألسن، ومن الأخبار، فراج عند برقوق، وباشر رئاسة الطب بعفة ونزاهة.

قال البقاعي: كان ذا باع طويل في الطبّ، حتّى إنه مرّ يوما في سوق الكتبيين فرأى شخصا ينسخ في كتاب وليس به مرض، فتأمله وقال: هذا يموت اليوم، فكان كذلك.

وقال المقريزي: كان له فضائل جمّة غطّاها شحّه حتّى اختلق عليه أعداؤه معايب برأه الله منها، فإني صحبته مدة طويلة تزيد على العشرين [سنة] ، ورافقته سفرا وحضرا، فما علمت عليه إلّا خيرا، بل كان من خير أهل زمانه عقلا، وديانة، وحسن عبارة [٢] ، وتأله، ونسك، ومحبة للسّنّة وأهلها، وانقياد إلى الحقّ، وصبر على الأذى، وجودة للحافظة. وكان يعاب بالشّح بماله، فإنه كان يخذل صديقه أحوج ما يكون إليه، وقد جوزي بذلك فإنه لما نكب في هذه السنة تخلّى عنه كل أحد عن الزيارة، فلم يجد مغنيا ولا معينا، فلا قوة إلّا بالله.


[١] ترجمته في «إنباء الغمر» (٧/ ١٣٧) و «الضوء اللامع» (٦/ ١٦٥) .
[٢] في «ط» : «وحسن عبادة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>