قتله ططر بدمشق بعد أن صادره، في أمواله في أواخر شعبان، ودفن بمدرسته لصيق الكلّاسة.
وفيها الملك المؤيد شيخ بن عبد الله المحمودي [١] .
قدم القاهرة وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وكان جميل الصورة، فمات جالبه، فاشتراه محمود تاجر المماليك، وانتسب إليه، وقدّمه لبرقوق فأعجبه وجعله خاصكيا، ثم جعله من السّقاة، ونشأ ذكيا، فتعلم الفروسية من اللعب بالرّمح، ورمي النّشّاب والضّرب بالسيف وغير ذلك، ومهر في جميع ذلك، مع جمال الصّورة، وكمال العشرة، والتهتّك، وضرب بسبب ذلك، ثم تنقلت به الأحوال من الإمارة على الحاج وغير ذلك، إلى أن ولي نيابة الشام، ثم تسلطن يوم الاثنين مستهل شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة.
قال في «المنهل» : وكان ملكا، شجاعا، مقداما، مهابا، سيوسا، عارفا بالحروب والوقائع، جوادا على من يستحق الإنعام، بخيلا على من لا يستحقه إلى الغاية، طويلا، بطينا، واسع العينين، أشهلهما، كثّ اللّحية، جهوري الصّوت، فحّاشا، سبّابا، ذا خلق سيء، وسطوة، وجبروت، وهيبة زائدة، يرجف القلب عند مخاطبته، محبّا لأهل العلم، مبجلا للشرع، مذعنا له، غير مائل إلى شيء من البدع، إلا أنه كان مسرفا على نفسه، متظاهرا بذلك، وبنى أماكن تقام فيها الخطبة، منها جامعه المؤيدي داخل باب زويلة الذي ما عمر في الإسلام أكثر زخرفة وأحسن ترخيما منه بعد جامع دمشق.
وتوفي يوم الاثنين تاسع المحرم.
وسلطنوا ولده المظفّر أبا السعادات وعمره سنة واحدة وثمانية أشهر وسبعة أيام.
قال المقريزي: واتفق في موته موعظة وهو أنه لما غسّل لم يوجد له منشفة ينشف بها، فنشّف في منديل لبعض من حضر من الأمراء، ولا وجد له مئزر يستره،
[١] ترجمته في «إنباء الغمر» (٧/ ٤٣٥) و «الضوء اللامع» (٣/ ٣٠٨) و «المنهل الصافي» (٦/ ٢٦٣- ٣١٢) و «الدليل الشافي» (١/ ٣٤٦) .