ولد بدمشق في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، وأخذ القراءات عن أبيه إفرادا وجمعا، وقرأ عليه ختمة جامعة للقراءات العشرة بما تضمنه كتاب «ورقات» المهرة في تتمة قراءات الأئمة العشرة» تأليف والده، وقرأ على الشيخ شمس الدّين محمد بن أحمد العسقلاني «القراءات العشرة» فساوى والده في علو السّند، وذلك لما رحل إلى القاهرة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ثم رحل إلى مكة المشرّفة واستوطنها وانتصب بها لإقراء القراءات بالمسجد الحرام كلّ يوم، وانتفع به عامة الناس، وصار رحلة زمانه، وتردّد إلى المدينة المنوّرة، وجاور بها غير مرّة، وتصدى بها أيضا للإقراء، وأقام بها سنين، ثم عاد إلى مكة واستمر إلى أن مات بها في هذه السنة.
وفيها قاضي قضاة الحرمين، الشريف الحسيب سراج الدّين أبو المكارم عبد اللطيف بن أبي الفتح محمد بن أحمد بن أبي عبد الله محمد الحسني الفاسي الأصل المكّي الحنبلي [١] .
ولد في شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة بمكّة المشرّفة، ونشأ بها، وسمع الحديث على العفيف النّشاوري، والجمال الأميوطي، وإبراهيم بن صديق، وغيرهم. وأجاز له السّراج البلقيني، والحافظان الزّين العراقي، والنّور الهيثمي، والسّراج ابن الملقّن، والبرهان الشامي، وأبو هريرة ابن الذّهبي، وأبو الخير ابن العلائي، وجماعة، وخرّج له التّقي ابن فهد «مشيخة» وولي إمامة الحنابلة بالمسجد الحرام، وقضاء مكة المشرّفة، ثم جمع له بين قضاء الحرمين الشريفين مكة والمدينة سنة سبع وأربعين وثمانمائة، واستمرّ إلى أن مات. وهو أول من ولي قضاء الحنابلة بالحرمين، ودخل بلاد العجم غير مرّة. وكان له حظّ وافر عند الملوك والأعيان.
وتوفي بعلة الإسهال، ورمي الدّم في ضحى يوم الاثنين سابع شوال بمكة المشرّفة، ودفن بالمعلاة.
[١] ترجمته في «الضوء اللامع» (٤/ ٣٣٣) و «النجوم الزاهرة» (١٥/ ٥٤٦) و «معجم الشيوخ» لابن فهد ص (١٤٤) و «السحب الوابلة» ص (٢٤٤) .