للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لطلب الطريق، فخرج يطلب شيخا بمصر، فوافق خروجه خروج الشيخ محمد الغمري يطلب مطلوبه، فلقيهما رجل من أرباب الأحوال، فقال: اذهبا إلى أحمد الزاهد ففتحكما على يديه، ولا تطلبا الأبواب الكبار- يعني الشيخ محمد الحنفي- فدخلا على الزاهد فلقيهما وأخلاهما ففتح على مدين في ثلاثة أيام، وعلى الغمري بعد خمس عشرة سنة، وكان صاحب الترجمة صاحب همصة، وله عزّ في الطريق وعزمة، وكان له في التصوف [١] يد طولى، وإذا تكلّم في الطريق بلغ المريد مراما وسؤلا، انتفع به خلق كثير من العلماء، والصلحاء، والفقراء، والفقهاء، والأجناد، وغيرهم. وكانت له كرامات، منها أنها مالت منارة زاويته، فقيل له: لا بد من هدمها، فصعد مع المهندس وقال: أرني محلّ الميل، فأراه ذلك، فألصق ظهره إليه فاستقام [٢] .

ومنها أن الحريفيش جاءه بعد موت شيخه الغمري فوجده يتوضأ وعبد حبشي يصب عليه، وآخر واقف بالمنشفة، فسأله عن نفسه لكونه لم يرد عليه ملابس الفقراء بل الأكابر، فقال: أنا مدين. قال: فقلت في نفسي من غير لفظ:

لا ذا بذاك ولا عتب على الزمن بفتح التاء. فقال: عتب، بسكون التاء. قال: فقلت في سرّي: الله أكبر فقال على نفسك الخبيثة أتيت لتزن على الفقراء أحوالهم بميزانك الخاسرة. قال:

فتبت وعلمت أنه من الأولياء. [٣] ومنها أنه لما ضاقت النفقة على السلطان جقمق أرسل يأخذ خاطره، فأرسل له نصف عمود من معدن يثاقل به الفضة، فجعل ثمنه في بيت المال واتسع الحال، فقال السلطان: الملوك حقيقة هؤلاء.

ومنها أنه أتاه رجل طعن في السنّ فقال: أريد حفظ القرآن. قال: ادخل الخلوة واشتغل بذكر الله تحفظه، فدخل فأصبح يحفظه [٤] .


[١] في «آ» : «في التصرف» .
[٢] أقول: وهذا أيضا من المبالغات في الكرامات. (ع) .
[٣] أقول: لا يعلم الغيب إلا الله. (ع) .
[٤] أقول: وهذا أيضا من المبالغات في الكرامات. (ع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>