للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد خان جعله السلطان أمينا على خزانة الكتب، فاطلع على الغرائب منها، ثم لما ولي السلطان أبو يزيد أعطاه مدرسة السلطان مراد بمدينة بروسا، ثم أعطاه إحدى الثمان، ثم ولاه مدرسة مراد خان ثانيا. وأقام ببرسا، وكان ذكيا، عالما، خاشعا، قرئ عليه «صحيح البخاري» إلى آخره، وكان حال الإقراء يبكي حتّى تسقط دموعه غير أنه كان يطيل لسانه على أقرانه حتّى أبغضه علماء الرّوم ونسبوه إلى الإلحاد والزّندقة، وفتّش عليه، واستحكم في قتله المولى أفضل الدّين فلم يحكم، فحكم المولى خطيب زاده بإباحة دمه فقتلوه، وكان يكرّر كلمتي الشهادة وينزّه عقيدته عمّا نسبوه إليه من الإلحاد، حتّى قيل: إنه تكلّم بالشهادة بعد ما سقط رأسه على الأرض، وقيل في تاريخه ولقد مات شهيدا.

وله من المؤلفات «شرح المطالع» و «حواشي على شرح المفتاح» للسيد الشريف، ورسالة سمّاها ب «السبع الشّداد» ، مشتملة على سبعة أسئلة على السيد الشريف في بحث الموضوع، ولو لم يؤلّف إلّا هذه الرسالة لكفته فضلا، ورسالة ذكر فيها أقسام العلوم الشرعية والعربية، بلغ فيها مقدار مائة علم أورد فيها غرائب وعجائب، رحمه الله تعالى.

وفيها قاضي القضاة نور الدّين أبو الفضل محمد بن محمد بن يوسف الخزرجي الدمشقي الحنفي الصالحي، المعروف بابن منعة [١] .

ولد بصالحية دمشق رابع شعبان سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وحفظ القرآن العظيم، و «درر البحار» للقونوي، و «المنار» للنسفي، وسمع بعض «مسانيد أبي حنيفة» على قاضي القضاة حميد الدّين و «تصحيح القدوري» على الشيخ قاسم قطلوبغا، وتفقه بالشيخ عيسى الفلوجي [٢] وولي تدريس الجمالية، وكانت سكنه وبها ميلاده، والجوهرية، والشّبلية الجوّانية، والمرشدية، وأفتى ودرّس، وناب في الحكم زمانا، وكانت سيرته فيه حسنة يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر أمينا صابرا وحصل كتبا، وانفرد في آخره برئاسة مذهب أبي حنيفة بدمشق، وولي في


[١] ترجمته في «متعة الأذهان» (ورقة ٩٧) و «الكواكب السائرة» (١/ ١٩) .
[٢] في «آ» : «القلوجي» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>