للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان إذا ختم البخاري في الجامع المذكور يحضر عنده خلائق فإنه كان فصيحا وله في الوعظ مسلك حسن، ثم انجمع في آخر عمره عن الناس وقطن بزاوية المحيوي الرّجيحي بالسهم الأعلى إماما لها وقارئا ل «البخاري» .

وتوفي في هذه السنة ودفن بالروضة.

وفيها العارف بالله تعالى عبد القادر بن محمد بن عمر بن حبيب الصّفدي [١] الشافعي صاحب التائية المشهورة.

قال في «الكواكب» : أخذ العلم والطريق عن الشيخ العلّامة الصالح شهاب الدّين بن أرسلان الرّملي صاحب الصفوة وعن غيره. وكان خامل الذكر بمدينة صفد مجهول القدر عند أهلها، لا يعرفون محلّه من العلم والمعرفة. وكان يقرئ الأطفال ويباشر وظيفة الأذان حتى لقيه سيدي علي بن ميمون، فسمع شيئا من كلامه، فشهد له بالذوق وأنه من أكابر العارفين، وأعيان المحبين، فهنالك نشر ذكره، وعرف الناس قدره، كما ذكر ذلك الشيخ علوان الحموي في أول «شرح تائية ابن حبيب» .

قال النجم: وحدثني بعض الصالحين الثقات أن السيد علي بن ميمون كان سبب رحلته من المغرب طلب لقي جماعة أمره بعض رجال المغرب بلقيّهم [٢] منهم ابن حبيب، وأنه لا يزال يتطلع ويتنشق ويتصفح البلاد والناس حتى دخل صفد فتنشق أنفاس ابن حبيب فدخل عليه المكتب، فأضافه الشيخ عبد القادر وأكرمه، ثم لما أطلق الأولاد قال لابن ميمون: يا رجل إني أريد أن أغلق باب المكتب، فنظر إليه سيدي علي وقال: أعبد القادر أما كفاك ما أتعبتني حتى تطردني الآن فقال له يا أخي استرني قال: بل والله لأفضحنك وأشهرنّك، فما زال به حتى أشهره. انتهى ملخصا.

وقال الشيخ علوان: هذا وهو متسبب بأسباب الخمول، متلبس بأمور لا


[١] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ٢٤٢- ٢٤٦) .
[٢] في «آ» : «يلقيهم» وفيه تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>