والقلقشندي، واللولوي السقطي، وابن الدّيري، وابن الهمام، وجماعة آخرين، وكتبوا كلّهم له، وسمع «صحيح مسلم» أو أكثره على الزّين الزّركشي، وأقبل على العلم وتحصيله، فأخذ الفقه والعربية عن الشمس إمام الشيخونية، وكذا أخذ عن النجم الغزّي، والعزّ عبد السلام البغدادي، وسمع عليه «الشفا» وقرأ «الصحيحين» على الشّهاب بن العطّار، وحضر دروس الكمال بن الهمام، ولازم التّقي الحصني، والتّقي الشّمنّي، والكافيجي، وعظم اختصاصه بهم، وأخذ عن الشّمنّي التفسير، وعلوم الحديث، والفقه، والأصلين، والعربية، والمعاني، والبيان، ورتّبت له الوظائف الكثيرة، من جملتها دينار كل يوم، ونوه به في قضاء الحنفية، وكان شأنه أعلى من ذلك إذ كان القضاة وغيرهم يترددون إليه، ومال الأفاضل من الغرباء وغيرهم من الاستفادة منه والمباحثة معه، ولم يزل يزيد اختصاصه بالسلطان قايتباي بحيث لم يتخلف عنه في سفر ولا غيره.
قال السخاوي: إنه تمنى بحضرته الموت فانزعج من ذلك وقال: بل أنا أتمناه لتقرأ عند قبري وتزورني، وصنّف، وأفتى، وحدّث، وروى، ونظم، ونثر، ونقّب، وتعقب، وخطب، ووعظ، وقطع، ووصل، وقدّم، وأخر.
ومن تصانيفه فتاوى في الفقه مبوبة في مجلدين، و «حاشية على توضيح ابن هشام» هذا كله مع الفصاحة، والبلاغة، وحسن العبارة، والضبط، وجودة الخط، ولطف العشرة، والميل إلى النّادرة، واللطف، ومزيد الذكاء، وسرعة البديهة، والاعتراف بالنّعمة، والطبع المستقيم، إلى أن تنكد خاطر السلطان من جهته في سنة ست وثمانين فمنعه من الحضور في حضرته، فتوجه للإقراء في بيته فنون العلم والفتيا، وحجّ ثلاث حجّات، وأخذ عن أهل الحرمين، وأخذوا عنه. انتهى كلام صاحب «النّور» .
وقال ابن فهد: إنه تولى قضاء الحنفية بالقاهرة في زمن الأشرف بن قايتباي في سنة ثلاث وتسعمائة، ثم عزل سنة ست، واستمرّ معزولا إلى أن مات.
وقال في «الكواكب السائرة» : كانت وفاته يوم الثلاثاء خامس شعبان غريقا تجاه منزله من بركة الفيل بسبب أنه كان توضأ بسلالم قيطونه فانفرك به القبقاب