للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانكفأ في البركة ولم يتفق أحد يسعفه فاستبطأوه وطلبوه فوجدوا عمامته عائمة وفردة القبقاب على السّلّم فعلموا سقوطه في البركة فوجدوه ميتا، ونال الشهادة، ودفن من الغد بفسقيته [١] التي أنشأها بتربة الأتابك يشبك بقرب السلطان قايتباي، وتردد الأمير طومان باي الذي صار سلطانا بعد موت الغوري إلى بيته وذهب ماشيا إلى جنازته هو ومن بمصر من الأعيان. انتهى وفيها برهان الدّين أبو الفتح إبراهيم بن علي بن أحمد القلقشندي [٢] الشيخ الإمام العلّامة المحدّث الحافظ الرّحلة القدوة الشافعي القاهري.

أخذ عن جماعة، منهم الحافظ ابن حجر، والمسند عزّ الدّين بن الفرات الحنفي، وغيرهما، وخرّج لنفسه «أربعين حديثا» .

قال البدر العلائي: إنه آخر من يروي عن الشّهاب الواسطي، وأصحاب الميدومي، والتّاج الشّرابشي، والتّقي الغزنوي، وعائشة الكنانية، وغيرهم، وقال الشعراوي.

كان عالما صالحا زاهدا، قليل اللهو والمزاح [٣] ، مقبلا على أعمال الآخرة، حتى ربما يمكث اليومين والثلاثة لا يأكل، انتهت إليه الرئاسة وعلو السّند في الكتب الستة والمسانيد والإقراء. قال: وكان لا يخرج من داره إلّا لضرورة شرعية، وليس له تردد إلى أحد من الأكابر، وكان إذا ركب بغلته وتطيلس يصير الناس كلّهم ينظرون إليه من شدّة الهيبة والخفر الذي عليه.

وتوفي فقيرا بحصر البول يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة عن إحدى وتسعين سنة لا تزيد يوما ولا تنقص يوما وصلي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بتربة الطويل خارج باب الحديد من صحراء القاهرة.

قال الشعراوي: وكأن الشمس كانت في مصر فغربت أي عند موته.


[١] في «أ» : (بفسيقيته) .
[٢] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق ٢٤) ، و «الكواكب السائرة» (١/ ١٠٨) ، و «النور السافر» (١١٠) .
[٣] في «أ» : (والمزح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>