للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أنت طاوعت الهوى قادك الهوى ... إلى بعض ما فيه عليك مقال

وأوقف الكتاب.

ودخل هشام بستانا له ومعه ندماؤه، فطافوا به وفيه من كل الثمار، فجعلوا يأكلون ويقولون: بارك الله لأمير المؤمنين، فقال: وكيف يبارك لي فيه وأنتم تأكلون؟!، ثم قال: ادع قيّمه، فدعا به، فقال له: اقلع شجره واغرس فيه زيتونا حتّى لا يأكل أحد منه شيئا.

وكان أخوه مسلمة مازحه قبل أن يلي الأمر، فقال له: يا هشام أتؤمّل الخلافة وأنت جبان بخيل! قال: أي والله العليم الحليم [١] .

وذكر الهيثم بن عديّ، والمدائني وغيرهما، أن السّوّاس من بني أميّة ثلاثة: معاوية، وعبد الملك، وبهشام ختمت أبواب السياسة وحسن السّير [٢] وأن المنصور كان في أكثر أموره، وتدبيره، وسياسته، متبعا لهشام في أفعاله، لكثرة ما يستحسنه من أخبار هشام وسيره. انتهى ملخصا.

ومن نوادره ما روي أنه تمادى في الصيد فوقع على غلام، فأمره ببعض الأمر، فأبى الغلام، وأغلظ له في القول، وقال له: لا قرّب الله دارك، ولا حيّا مزارك، في قصة طويلة، فيها أنه أمر بقتله وقرّب له نطع الدّم، فأنشأ الغلام يقول:

نبّئت أنّ الباز علّق مرّة ... عصفور برّ ساقه المقدور

فتكلّم العصفور في أظفاره ... والباز منهمك عليه يطير

ما في ما يغني لبطنك شبعة ... ولئن أكلت فإنّني لحقير


[١] في «مروج الذهب» (١/ ٢٢٣) : «فقال: والله إني عليم حليم» .
[٢] في «مروج الذهب» : «وحسن السيرة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>