للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتغل بالعلم، وخدم المولى علاء الدّين العربي، ثم ارتحل إلى بلاد العرب، وقرأ على علمائها، وحجّ، ثم سافر إلى بلاد العجم، وقرأ على علمائها، وصحب الصوفية، وتربى عند شيخ يقال له المخدومي، ثم عاد إلى بلاد الرّوم واستقرّ بها، ثم طلبه السلطان سليم الفاتح قبل جلوسه على سرير السلطنة وجعله إماما له وصاحبا فرآه متفننا في العلوم، متحليا بالمعارف، فلما جلس على سرير السلطنة نصّبه معلما لنفسه، وعيّن له كل يوم مائة عثماني، وأعطاه قرى كثيرة، ودخل معه بلاد الشام ومصر.

وتوفي بدمشق بعد عوده في صحبة سلطانه إليها من مصر يوم الجمعة عشري شوال، ودفن بتربة الشيخ محيى الدّين بن عربي إلى جانب الشيخ محمد البلخشي [١] من القبلة.

وفيها العارف بالله تعالى عبد الرحمن بن الشيخ علي بن أبي بكر العيدروس [٢] الشافعي.

ولد سنة خمسين وثمانمائة، وقرأ على والده وغيره من الأعلام، فمن جملة ما قرأ على والده «الإحياء» أربعين مرة، وكان يغتسل لكل فرض، ومن مجاهداته وهو صغير أنه كان يخرج هو وابن عمه إلى شعب من شعاب تريم يقال له النّعير بعد مضي نصف الليل، فينفرد كل منهما يقرأ عشرة أجزاء في صلاة، ثم يرجعان إلى منازلهما.

وكان يحفظ «الحاوي» في الفقه، و «الوردية» في النحو، وكان يغطي إحدى يديه فلا يكشفها لأحد [٣] فألحّ عليه بعضهم أن يخبره بالسبب، فقال: كنت شاعرا وامتدحت النّبيّ صلّى الله عليه وسلم بجملة قصائد، ثم اتفق أن قلت قصيدة في مدح بعض أهل الدنيا فرأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلم في النّوم وهو يعاتبني على ذلك، ثم أمر بقطع يدي فقطعت فشفع في الصّدّيق، فعادت والتحمت فانتبهت والعلامة ظاهرة في يدي، ثم كشف له عن يده فإذا محل القطع نور يتلألأ.


[١] في «أ» : (البلخثي) وهو تحريف.
[٢] ترجمته في «النور السافر» (١١٢- ١١٣) .
[٣] ليست اللفظة في «ط» .

<<  <  ج: ص:  >  >>