للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتدريسها، وأسمعه الحديث على جماعة من الدمشقيين، ثم ولي قضاء قضاة الحنفية بالشام مرارا عزل من [١] آخرها في شوال سنة ثلاث عشرة وتسعمائة. انتهى.

وفيها المولى زين الدّين وقيل زين العابدين محمد بن محمد الفناري الرّومي الحنفي [٢] العالم الفاضل، أول قضاة القضاة بدمشق من الدولة العثمانية.

قرأ على علماء عصره، منهم المولى الفاضل علاء الدّين الفناري، ثم وصل إلى خدمة المولى ابن المعروف معلّم السلطان بايزيد، ثم تنقلت به الأحوال إلى أن صار قاضيا بدمشق، ثم بحلب.

قال في «الشقائق» : كان عالما، فاضلا، ذكيا، صاحب طبع وقّاد، وذهن نقّاد، قوي الجنان، طلق اللسان، صاحب مروءة وفتوة، محبا للفقراء والمساكين، يبرّهم ويرعى جانبهم. وكان في قضائه مرضي السيرة، محمود الطريقة. انتهى.

وذكر ابن طولون أن سيرته بدمشق كانت أحسن منها بحلب، وتوفي وهو قاض بحلب في أول ربيع الأول.

وفيها قاضي القضاة صلاح الدّين محمد بن أبي السعود بن إبراهيم الشيخ الإمام قاضي قضاة مكّة المشرّفة ابن ظهيرة المكّي الشافعي [٣] .

جرت له محنة في أيام الجراكسة، وهي أن السلطان الغوري حبسه بمصر من غير جرم ولا ذنب، بل للطمع في مال يأخذه منه على عادته، ولما خرج بعساكره من مصر لقتال السلطان سليم بن عثمان أطلق كلّ من في حبسه من أرباب الجرائم وغيرهم، ولم يطلق صاحب الترجمة، فلما قتل الغوري أطلقه طومان باي، ثم لما وصل السلطان سليم إلى مصر جاء إليه القاضي صلاح الدّين، فأكرمه، وعظّمه، وخلع عليه، وجهّزه إلى مكة معزوزا مكرّما، مع الإحسان إليه.

وجعله نائبه في تفرقة الصدقات السّليمية في تلك السنة، وخطب عامئذ في الموقف الشريف خطبة عرفة، وبقي بمكة إلى أن توفي بها في أواخر هذه السنة.


[١] في «ط» : «عزل عن» وما جاء في «آ» موافق لما في «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف.
[٢] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (٢٣٨- ٢٣٩) .
[٣] ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (٧٣/ ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>