للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأصول وشرحه، و «شرح ألفية ابن مالك» شرحا عظيما. وكان متقشفا في مأكله وملبسه وفرشه. قاله في «الكواكب» .

وفيها أمين الدّين أبو الجود محمد بن أحمد بن عيسى بن النّجار الشافعي الدمياطي ثم المصري [١] الإمام الأوحد العلّامة الحجّة.

ولد سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وأخذ العلم عن صالح البلقيني، والتّقي الشّمنّي، وزينب بنت عبد الرحيم العراقي، وغيرهم.

وأخذ عنه النحو [٢] النجم الغيطي، والبدر الغزّي، وغيرهما. وكان ممن جمع بين العلم والعمل، إماما في علوم الشرع، وقدوة [٣] في علوم الحقيقة، متواضعا، يخدم العميان والمساكين ليلا ونهارا، ويقضي حوائجهم وحوائج الأرامل، ويجمع لهم أموال الزكاة، ويفرّقه عليهم، ولا يأخذ لنفسه منه شيئا، ويلبس الثياب الزرق والجبب السود، ويتعمم بالقطن غير المقصور، ولا يترك قيام الليل صيفا ولا شتاء، وكان ينام بعد الوتر لحظة ثم يقوم وينزل إلى الجامع الغمري فيتوضأ ويصلي، والباقي للفجر نحو سبعين درجة، ثم يصعد الكرسي ويتلو نحو ربع [٤] القرآن سرّا، فإذا أذّن الصبح قرأ جهرا قراءة تأخذ بجوامع القلوب.

ومرّ نصراني من مباشري القلعة يوما في السحر فسمع قراءته فرق قلبه وأسلم على يديه، وكان يأتيه الناس للصلاة خلفه من الأماكن البعيدة لحسن صوته، وخشوعه، وكثرة بكائه، حتّى يبكي غالب الناس خلفه، وكان الشيخ أبو العباس الغمري يقول: الجامع جثة والشيخ أمين الدين روحها.

وكان يقري ويضيف كل وارد ويخدم بنفسه، ومع هذا فله هيبة عظيمة يكاد من لا يعرفه يرعد من هيبته.


[١] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ٣٣- ٣٥) .
[٢] لفظة «النحو» سقطت من «ط» .
[٣] في «آ» : «قدوة» .
[٤] لفظة «ربع» سقطت من «ط» .

<<  <  ج: ص:  >  >>