للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتهت إليه الرئاسة بمصر في علوم السّنّة بالكتب [١] الستة وغيرها، ويقرأ للأربعة عشر، ومناقبه كثيرة.

وتوفي ليلة السابع والعشرين من ذي القعدة.

وفيها أبو السعود محمد بن دغيم الجارحي القاهري [٢] الفقيه الصّوفي المتعبد المتنسك، المعتقد عند الملوك فمن دونهم.

وكان والده من أعيان كوم الجارح والمتسببين به في أنواع المتاجر، فنشأ الشيخ أبو السعود على خير، وحفظ القرآن العظيم، واشتغل في الفقه والنحو، ثم أقبل على العبادة والمجاهدة، ومكث عشرين سنة صائما لا يدري بذلك أهله.

وكان يصلي مع ذلك بالقرآن في ركعة أو ركعتين في تلك المدة، وأخذ في التقليل من الأكل، فانتهى أكله إلى لوزة وربما تركها.

قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في «طبقاته» : هو عارف، علومه [٣] جمّة، وصوفي ذو أحوال وكرامات بين الأمة، قدوة في علمه ودينه، فريد في عصره وحينه، اجتهد وترقى في المقامات، وأخذ عن الشيخ أحمد المرحومي عن الشيخ مدين عن الزاهد، وارتفعت روحه، وسمت عن مقعر فلك القمر، وارتفع إلى الحضرة التي لا ليل فيها ولا نهار، وضوءها وضّاح كحال أهل الجنّة في الجنّة.

ولما دخلها صار يكتب الكراريس العديدة حال ظلمة الليل كما يكتب نهارا بغير فرق، وكان له قبول تام عند الأكابر، تقف الأمراء بين يديه فلا يأذن لهم بالقعود، وحملوا في عمارة زاويته الحجر والتراب، وشق السلطان طومان باي وعليه جبّة من جبب الشيخ.

وكان يقول: لا يفلح الفقير القانع بالزي أبدا لقصور همته.

وكان يقول: ينبغي للعارف أن يجعل في بيته دائما شيئا من الدنيا ولو كيميا خوفا أن يقع في رائحة الاتهام لله في أمر الرزق.


[١] في «ط» : «في الكتب» .
[٢] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ٤٧- ٤٨) .
[٣] في «ط» : «علوم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>