للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشرّفة عند طلوع فجر يوم الجمعة مستهل شهر رمضان، ودفن بالمعلاة، وكثر التأسف عليه، رحمه الله تعالى. انتهى وفيها- تقريبا- عبد الحليم بن مصلح المنزلاوي الصّوفي [١] .

قال في «الكواكب» : المتخلق بالأخلاق المحمدية.

كان متواضعا، كثير الإزراء بنفسه والحطّ عليها، وجاءه مرة رجل، فقال له:

يا سيدي خذ عليّ العهد بالتوبة، فقال: والله يا أخي أنا إلى الآن ما تبت، والنجاسة لا تطهّر غيرها.

وكان إذا رأى من فقير دعوى سارقه [٢] بالأدب، وقرأ عليه شيئا من آداب القوم، بحيث يعرف ذلك المدّعي أنه عار عنها [٣] ، ثم يسأله عن معاني ذلك، بحيث يظن المدعي أنه شيخ، وأن الشيخ عبد الحليم هو المريد أو التلميذ.

وجاءه مرة شخص من اليمن فقال له: أنا أذن لي شيخي في تربية الفقراء، فقال: الحمد للَّه، الناس يسافرون في طلب الشيخ ونحن جاء الشيخ لنا إلى مكاننا.

وأخذ عن اليماني ولم يكن بذاك، وكان الشيخ يربيه في صورة التلميذ إلى أن كمّله، ثم كساه الشيخ عبد الحليم عند السفر، وزوّده، وصار يقبّل رجل اليماني.

وعمّر عدة جوامع في المنزلة، ووقف عليها الأوقاف، وله جامع مشهور في المنزلة، له فيه سماط لكل وارد، وبنى بيمارستان للضعفاء قريبا منه.

وكان يجذب قلب من يراه أبلغ من جذب المغناطيس للحديد.

وكان لا يسأله فقير قطّ شيئا من ملبوسه إلّا نزعه له في الحال ودفعه إليه، وربما خرج إلى صلاة الجمعة فيدفع كل شيء عليه ويصلي الجمعة بفوطة في وسطه.


[١] ترجمته في «الكواكب السائرة» (١/ ٢٢٣- ٢٢٤) و «الطبقات الكبرى» للشعراني (٢/ ١٣٤- ١٣٥) .
[٢] في «ط» : «دعوى فارغة» وما جاء في «آ» موافق لما في «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف.
[٣] في «ط» : «منها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>