خمس وتسعين وثمانمائة، وتزوج في تلك السنة، ثم توجه إلى بيروت بنيّة استيفاء إقطاع والده، فسمع وهو ببيروت برجل من الأولياء فيها يسمّى سيدي محمد الرائق، فزاره ودعا له، وقال له: لا خيّب الله سعيك.
ثم رجع إلى دمشق، واشتغل بالفروسية والرّمي والصّيد، ولعب الشطرنج، والنرد، والنّقاف، والتنعم بالمأكولات والملبوسات، وإنشاء الإقطاع والفدادين، ولم يزل مع هذه الأمور مواظبا على الصلوات، وزيارة الصالحين، وحبّ الفقراء والمساكين حتّى تم له خمسة أعوام، ولم يتيسر له من يوقظه من هذا المنام، حتى كان يوم جمعة، صادف فيه الشيخ إبراهيم النّاجي في جبّانة الباب الصغير وهو راجع من ميعاده، فنزل سيدي محمد عن فرسه إجلالا للشيخ، وسلّم عليه، فقال الشيخ: من يكون هذا الإنسان، فقيل له: فلان ابن فلان، فأهل به ورحّب، وترحم على والده، فسأله سيدي محمد أن يدعو له أن ينقذه الله مما هو فيه، فقال له: لو حضرت الميعاد ولازمتنا لحصل الخير، فكان بعد ذلك يحضر مواعيد الشيخ، وحصلت له بركته، واستمر في صحبته حتى مات، ولبس منه خرقة التصوف، وأخذ عنه وعن الشيخ أبي الفضل ابن الإمام، وعن الشّهاب ابن مكيّة النابلسي علم التفسير والحديث والفقه، وأخذ الأصول والنحو والمعاني والبيان عن جماعة، منهم الشيخ أبو الفتح المزيّ، والشيخ محمد بن نصير، والشيخ على المصري، وكان مع ذلك يصحب الصّالحين والفقراء الصادقين، مثل الشيخ محمد بن البزة، والشيخ محمد بن يعقوب [١] وأضرابهما، إلى أن لاحت له ناصية الفلاح، وجاءه المرشد سيدي علي بن ميمون إلى باب داره عند الصباح وذلك مستهل سنة أربع وتسعمائة، فكان كماله على يديه، ودخل مصر سنة خمس، فاجتمع بجماعة من الأعلام، من أعلمهم وأفضلهم القاضي زكريا، والجلال السيوطي، والدمياطي، واجتمع بجماعة من الأولياء، منهم الشيخ عبد القادر الدشطوطي، وأبو المكارم الهيتي، وابن حبيب الصّفدي، وأضرابهم، وحصلت له بركتهم.