الشافعي شيخ الشافعية بدمشق، فربّاه أحسن تربية، إلى أن ترعرع، وطلب العلم بنفسه، مشمّرا عن ساق الاجتهاد، مؤثرا لطريقة التصوف ومنعزلا عن الناس في زاوية جدّه لأمّه سيدي الشيخ أحمد الأقباعي بعين اللؤلؤة خارج دمشق، إلى أن برع في علمي الشريعة والحقيقة، ولازم الشيخ خطاب مدة حياته، وتفقّه عليه وانتفع به ثم تزوج ابنته بالتماس منه، ولزم أيضا الشيخ محبّ الدّين محمد البصروي، فأخذ عنه الفقه والحديث والأصول والعروض، ثم لزم الشيخ برهان الدّين الزرعي، وأخذ عنه الحديث وغيره، وولده الشيخ شهاب الدّين أحمد، وأخذ عنه المعقولات، والمعاني، والبيان، والعربية، وتفقّه أيضا بالبدر بن قاضي شهبة، والشيخ شمس الدّين محمد بن حامد الصّفدي، وغيرهم.
وكان- رحمه الله تعالى- ممن قطع عمره في العلم طلبا وإفادة وجمعا وتصنيفا.
أفتى ودرّس، وولي القضاء نيابة عن قريبه القطب الخيضري وسنّه إذ ذاك دون العشرين سنة، ثم عن الشّهاب بن الفرفور، ثم عن ولده القاضي ولي الدّين بعد أن تنزه عن الحكم، ثم ألزم به من قبل السلطان سليم خان، وباشر مدة ولايته القضاء بعفّة، ونزاهة، وطهارة يد ولسان، وقيام في الحقّ، لا يحابي أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم، وهو آخر قضاة العدل.
وممن أخذ عنه ولده شيخ الإسلام بدر الدّين، وأبو الحسن البكري، وأمين الدّين بن النجّار المصري، والسيد عبد الرحيم العبّاسي، والبدر العلائي، وغيرهم.
ومن مؤلفاته «الدرر اللوامع نظم جمع الجوامع» في الأصول، و «ألفية في التصوف» سمّاها «الجوهر الفريد في أدب الصوفي والمريد» و «ألفية» في اللغة نظم فيها «فصيح ثعلب» و «ألفية» في علم الهيئة. و «ألفية» في علم الطب، و «منظومة» في علم الخطّ. ونظم رسالة السيد الشريف في علمي المنطق والجدل، ووضع على نظمه شرحا نفيسا، وألف «مختصرا» في علمي المعاني