للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توفي في هذه السنة ببيت المقدس.

وفيها شمس الدّين أحمد بن سليمان الحنفي، الشهير بابن كمال باشا [١] العالم العلّامة الأوحد المحقّق الفّهامة، صاحب التفسير، أحد الموالي الرّومية.

كان جدّه من أمراء الدولة العثمانية، واشتغل هو بالعلم وهو شاب، ثم ألحقوه بالعسكر، فحكى هو عن نفسه أنه كان مع السلطان بايزيد خان في سفر، وكان وزيره حينئذ إبراهيم باشا بن خليل باشا، وكان في ذلك الزمان أمير ليس في الأمراء أعظم منه، يقال له أحمد بك بن أورنوس، قال: فكنت واقفا على قدمي قدّام الوزير وعنده هذا الأمير المذكور جالسا، إذ جاء رجل من العلماء، رثّ الهيئة، دنيء اللباس، فجلس فوق الأمير المذكور، ولم يمنعه أحد من ذلك، فتحيّرت في هذا الأمر، وقلت لبعض رفقائي: من هذا الذي تصدر على مثل هذا الأمير، قال: هو عالم مدرّس يقال له المولى لطفي. قلت: كم وظيفته؟ قال:

ثلاثون درهما. قلت: وكيف يتصدّر على هذا الأمير ووظيفته هذا المقدار، فقال:

رفيقي العلماء معظمون لعلمهم فإنه لو تأخر لم يرض بذلك الأمير ولا الوزير. قال:

فتفكرت في نفسي فوجدت أني لا أبلغ رتبة الأمير المذكور في الإمارة وأني لو اشتغلت بالعلم يمكن أن أبلغ رتبة ذلك العالم، فنويت أن أشتغل بالعلم الشريف، فلما رجعنا من السفر وصلت إلى خدمة المولى المذكور وقد أعطي عند ذلك مدرسة دار الحديث بأدرنة، وعيّن له كل يوم أربعون درهما، فقرأت عليه «حواشي شرح المطالع» وكان قد اشتغل في أول شبابه في مبادئ العلوم كما سبق، ثم قرأ على المولى القسطلاني، والمولى خطيب زاده، والمولى معرّف زاده، ثم صار مدرّسا بمدرسة علي بك بمدينة أدرنة، ثم بمدرسة أسكوب، ثم ترقّى حتّى درّس بإحدى الثمانية، ثم بمدرسة السلطان با يزيد بأدرنة، ثم صار قاضيا بها، ثم أعطي قضاء العسكر الأناضولي، ثم عزل وأعطي دار الحديث بأدرنة، وأعطي تقاعدا كل


[١] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (٢٢٦- ٢٢٨) و «الطبقات السنية» (١/ ٣٥٥- ٣٥٧) و «الكواكب السائرة» (٢/ ١٠٧- ١٠٨) و «الفوائد البهية» ص (٢١- ٢٢) و «الأعلام» (١/ ١٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>