للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عالما بعدة من العلوم، ولم يترك المطالعة أيام الإمارة.

وكان له حسن أدب ولطف معاشرة، إلّا أنه كان إذا اشتد غضبه خمش يديه فيدميها وهو لا يدري، وأبطل كثيرا من الظّلامات، وعاش أهل القرى أيام ولايته عيشة طيبة.

وكان مكرما لأهل العلم ومشايخ الصوفية، ولبس الخرقة القادرية من الشيخ حسن الكيلاني لما قدم دمشق.

[وتوفي بدمشق] [١] في يوم الأحد تاسع صفر، وأوصى أن يلقّن فلقّته الشيخ أبو الفتح المالكي، وأوصى أن يسحب على الأرض قبل الدفن إلى قبره تعزيرا لنفسه، فحمل سريره إلى الصالحية، فلما قرّب من قبره سحب على الأرض قليلا تنفيذا لوصيته، ودفن في حوش الشيخ محيي الدّين [بن] العربي عند شبّاكه الشرقي بوصيّة منه.

وفيها قطب الدّين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمر بن سلطان الدمشقي الصّالحي الحنفي [٢] شيخ الإسلام، مفتي بلاد الشام، الإمام العلّامة.

ولد ليلة ثاني عشر ربيع الأول سنة سبعين وثمانمائة، وأخذ عن القاضي عبد البرّ بن الشّحنة وغيره، وكان بيده تدريس القصّاعية المختصة بالحنفية، وتدريس الظاهرية التي هي مسكنه، والنظر عليها.

وكان له تدريس في الجامع الأموي، وغير ذلك من المناصب العليّة.

وولي القضاء بمصر في زمن الغوري نيابة عن شيخه ابن الشّحنة، وكفّ بصره من بعد مع بقاء جمال عينيه، بحيث يظن أنهما بصيرتان.

وكان حسن الوجه والذات، جليل المقدار، مهيبا، معظّما، نافذ الكلمة عند الدولة، يردون إليه الأمراء في الفتوى، ماسك زمام الفقهاء، وكان يملي من يكتب


[١] ما بين الرقمين سقط من «ط» .
[٢] ترجمته في «الكواكب السائرة» (٢/ ١٢- ١٤) و «الأعلام» (٧/ ٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>