ولما وصل العلّامة محمد بن الحسين القمّاط قاضيا على عدن، ثم بعده العلّامة أحمد بن عمر المزجد قاضيا أيضا، لازم كلّا منهما، ولم يزل مجتهدا حتى فاق أقرانه في الفقه، وصار في عدن هو المشار إليه، والعلم المعوّل عليه، واحتاج الناس إلى علمه، وقصدوه بالفتوى من النواحي البعيدة، لكنه قد كان [١] يتساهل في الفتاوى ويترك المراجعة، لا سيما في أواخر عمره، فاختلفت أجوبته وتناقضت فتاويه، وكان ذلك مما عيب عليه، ثم كان السلطان عامر بن داود- وهو آخر ملوك بني طاهر بعدن- استماله في آخر عمره وأحسن إليه لأغراض فاسدة عزم عليها، فكان إذا عزم على أمر فاسد يتعلق بالشرع أرسل إليه من يشاوره في كتب سؤال في القضية، فيجيبه إلى ذلك، ويكتب على سؤالاتهم أجوبة توافق أغراضهم، فيتوصلون بها إلى مفاسد لا تحصى، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وتوفي ببلدة الهجرين، سامحه الله تعالى.
[١] في «آ» و «ط» : «ولكنه كان قد» وأثبت لفظ «النور السافر» مصدر المؤلّف، ولا حاجة للفظة «قد» في السياق هنا.