للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّين، وغيرهما، وأجازوه بالإفتاء والتدريس فأفتى ودرّس، وصنّف كتبا نافعة، منها «شرح مختصر الشيخ خليل» وسارت الرّكبان. بمصنّفاته، حتّى إلى المغرب والتّكرور، وكان الشيخ ناصر الدّين اللقاني إذا جاءته الفتيا يرسلها إليه من شدة إتقانه وحفظه للنقول.

وكان كريم النّفس، قليل الكلام واللغو، حافظا لجوارحه، كثير التّلاوة والتهجد.

قال الشعراوي: لما مرض دخلت إليه فوجدته لا يقدر يبلع الماء من غصة الموت، فدخل عليه شخص بسؤال، فقال: أجلسوني. قال: فأجلسناه وأسندناه، فكتب على السؤال ولم يغب له ذهن مع شدة المرض، وقال: لعل ذلك آخر سؤال نكتب عليه، فمات تلك الليلة ودفن بالقرافة.

وكان كلما مرّ على موضع قبره يقول: أأنا أحب هذه البقعة، فدفن بها، وقبره ظاهر يزار.

وفيها علي البرلسي المجذوب المصري [١] .

قال في «الكواكب» : كان نحيف البدن، يكاد يحمله الطفل. وكان يتردّد بين مدينة قليوب ومصر، لا بد له كل يوم من الدخول إلى قليوب ورجوعه إلى مصر.

وكان من أصحاب الخطوة، وكثيرا ما يمر عليه صاحب البغلة الناهضة وهو نائم تحت الجيزة [٢] بقليوب فيدخل مصر فيجده ماشيا أمامه وكان كثيرا ما يغلقون عليه الباب فيجدونه خارج الدار. قالوا [٣] : وما رؤي قط في معدية، إنما يرونه في ذلك البرّ وهذا البرّ، وربما رأوه في البرلس، وفي دسوق، وفي طندتا، وفي مصر في ساعة واحدة، وهذه صفة الأبدال. وأما رؤيته بعرفة كل سنة فكثير.

توفي في ربيع الأول، ودفن في زاويته المرتفعة داخل باب الشعرية.


[١] ترجمته في «الكواكب السائرة» (٢/ ٢٢٣) و «الطبقات الكبرى» للشعراني (٢/ ١٨٧) .
[٢] كذا في «آ» و «الكواكب السائرة» : «تحت الجيزة» وفي «ط» : «الجميزة» .
[٣] في «ط» : «قال» .

<<  <  ج: ص:  >  >>