للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنوشروان [١] في بعض حروبه بالمشرق مع بعض الملوك، فعصفت ريح شديدة، فأذرت ترابا وقطعا من الآجرّ من أعلى السطح إلى المجلس، فجزع من حضر المجلس لوقوعها [٢] وارتاع لها، والهذليّ شاخص نحو أبي العبّاس لم يتغير كما تغير غيره، فقال له السّفّاح: لله أنت يا أبا بكر، لم أر كاليوم، أما راعك ما راعنا، ولا أحسست بما ورد علينا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، وإنما للمرء قلب واحد، فلما غمره السرور بفائدة [٣] أمير المؤمنين لم يكن فيه لحادث مجال. وإن الله- عزّ وجلّ- إذا أفرد [٤] بكرامة أحد وأحب أن يبقي [٥] له ذكرها جعل تلك الكرامة على لسان نبيه أو خليفته، وهذه كرامة خصصت بها فمال إليها ذهني، وشغل بها قلبي [٦] فلو انقلبت [٧] الخضراء على الغبراء ما أحسست بها ولا وجمت [٨] لها إلّا بما يلزمني في نفسي [٩] لأمير المؤمنين أعزّه الله. فقال السّفّاح: لئن بقيت لك لأرفعنّ منك ضبعا [١٠] لا تطيف به السّباع ولا تنحطّ عليه العقبان [١١] .


[١] في «مروج الذهب» : «لأنوشروين» .
[٢] في المطبوع: «لوقعها» ، وفي «مروج الذهب» (٣/ ٢٧٩) : «لوقوع ذلك» .
[٣] في الأصل، والمطبوع: «بالسرور لفائدة» وأثبت ما في «مروج الذهب» .
[٤] في الأصل، والمطبوع: «إذا انفرد» وأثبت ما في «مروج الذهب» .
[٥] في الأصل، والمطبوع: «وأحب أن يفضي» وأثبت ما في «مروج الذهب» .
[٦] في «مروج الذهب» : «وشغل بها فكري» .
[٧] في الأصل: «فلو تقلبت» وأثبت ما في المطبوع وهو موافق لما في «مروج الذهب» .
[٨] في الأصل، «ولا ححت» وفي المطبوع: «ولا جمعت» وكلاهما خطأ، والتصحيح من «مروج الذهب» (٣/ ٢٨٠) .
[٩] في «مروج الذهب» : «من نفسي» .
[١٠] في «مروج الذهب» : «لأرفعن منك وضيعا» . والضبع: العضد. انظر «مختار الصحاح» ص (٣٧٦) .
[١١] في «مروج الذهب» : «وتنحطّ عليه العقاب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>