للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا، أو آخرا، أو وسطا، على وجه يوهم أنه من جملة الحديث الذي رواه، ويسمى تدليس المتون، وفاعله عمدا مرتكب محرّما، مجروح عند العلماء لما فيه من الغش.

أما لو اتفق ذلك من غير قصد من صحابي أو غيره، فلا يكون ذلك محرّما، ومن ذلك كثير أفرده الخطيب البغدادي بالتصنيف.

ومن أمثلته حديث ابن مسعود في التشهّد، قال في آخره: وإذا قلت:

هذا فإن شئت أن تقوم. فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد [١] ، [وهو] [٢] من كلامه لا من الحديث المرفوع، لما قاله البيهقيّ، والخطيب، والنوويّ، وغيرهم.

والقسم الثاني غير مضرّ لكنه مكروه مطلقا عند الحنابلة، وله صور. إحداها: أن يسمّي شيخه في روايته باسم له غير مشهور، من كنية، أو لقب، أو اسم، أو نحوه، كقول أبي بكر بن مجاهد المقرئ الإمام: حدّثنا عبد الله بن أبي أوفى، يريد به عبد الله بن أبي داود السّجستاني، وهو كثير جدا، ويسمى هذا تدليس الشيوخ.

وأما تدليس الإسناد، وهو أن يروي عمّن لقيه أو عاصره ما لم يسمعه منه، موهما سماعه منه، قائلا: قال فلان ونحوه، وربما لم يسقط شيخه ويسقط غيره، ومثّله بعضهم بما في «الترمذي» عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن عائشة- رضي الله عنها- مرفوعا «لا نذر في معصية، وكفّارته كفّارة يمين» [٣] ثم قال: هذا حديث لا يصحّ، لأن الزّهري لم يسمعه من أبي


[١] انظر «جلاء الأفهام» لابن القيم ص (٣٣٦- ٣٣٧) طبع مكتبة دار العروبة في الكويت.
[٢] لفظة «وهو» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع. وانظر «فتح المغيث» للسخاوي (١/ ٢٤٤) في بحث المدرج.
[٣] رواه أحمد في «المسند» (٦/ ٢٤٧) وأبو داود رقم (٣٢٩٠) و (٣٢٩٢) في الأيمان والنذور، باب رقم (٢٣) ، والترمذي رقم (١٥٢٤) و (١٥٢٥) في النذور: باب لا نذر في معصية،

<<  <  ج: ص:  >  >>