للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشرين سنة، وأحد عشر شهرا، وأربعة عشر يوما، وهو محرم وأخذت البيعة للمهديّ. انتهى.

قال في «العبر» [١] : توجّه المنصور للحجّ، فأدركه أجله يوم سادس ذي الحجّة عند بئر ميمون بظاهر مكّة محرما، فأقام الموسم الأمير إبراهيم بن يحيى بن محمّد صبيّ أمرد، وهو ابن أخي المنصور، واستخلف المهديّ، وتوفي وله ثلاث وستون سنة، وكانت أميه بربريّة، وكان طويلا، مهيبا أسمر، خفيف اللحية، رحب الجبهة، كأنّ عينيه لسانان ناطقان، تقبله النّفوس، وكان يخالطه [٢] أبّهة الملك بزيّ أولي النسك، ذا حزم، وعزم، ودهاء، ورأي، وشجاعة، وعقل، وفيه جبروت وظلم. انتهى.

وقال ابن الأهدل: كان لا يبالي أن يحرس ملكه بهلاك من كان.

وكان قد روى العلم، وعرف الحلال والحرام، وساس هو وبنوه ملكهم سياسة الملوك، ووليّ بعده المهديّ، وكان المنصور استأذن أخاه السّفّاح في الحجّ، فجاءه نعي السّفّاح في بعض الطريق، فسار مسرعا حتّى دخل دار الخلافة، وظفر بالأموال، وتقررت قواعده، ولما أراد إنشاء مدينة السّلام- بعد أن مكث سنة يتردد- فقال له راهب: كأن هناك ما تريد؟ قال: أريد أن أبني ها هنا [٣] مدينة.

قال الرّاهب: إن صاحبها يقال له: مقلاص. فقال المنصور: أنا والله كنت أدعى بذلك في الكتّاب. ثم قال له منجّمه: أحكم الآن بالبناء فإنه يتم بناؤها ولا يكون لها في الدّنيا نظير. قال: ثم ماذا قال: ثم تخرب بعد موتك خرابا ليس بالصحراء ولكن دون العمران، فوضع المنصور أول لبنة بيده وقال:

بسم الله الرحمن الرحيم: إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها من يَشاءُ من عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ٧: ١٢٨ [الأعراف: ١٢٨] .


[١] (١/ ٢٣٠) والمؤلف ينقل عنه بتصرّف.
[٢] في «العبر» : «يخالط» .
[٣] في الأصل: «هنا» وأثبت ما في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>