للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما تمّ بناؤها وانتقل إلى قصره، وقف يتأمل باب القصر، فإذا عليه مكتوب:

ادخل القصر لا تخاف زوالا ... بعد ستّين من سنيّك ترحل [١]

فوقف مليّا، وتغرغرت عيناه، ثم قال: لعبة لغافل، وفسحة لجاهل، وكان وقوفه أنه حسب ما بقي من عمره من المولد إلى تمام ستين. انتهى.

قال المدائنيّ [٢] : خرجت مع المنصور في حجّته التي مات فيها، فسألني عن سنّي، فقلت: ثلاث وستون، فقال، وأنا فيها، وهي دقّاقة الأعناق، فنزلنا منزلا، فوجد مكتوبا على الحائط:

أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت ... سنوك وأمر الله لا شكّ نازل

أبا جعفر هل كاهن أو منجّم ... يردّ قضاء الله أم أنت جاهل

فجعل يراه وينظر إليه ولا نرى نحن شيئا.

وذكر النووي في «تهذيبه» [٣] واقعة جرت له مع سفيان الثّوريّ، وذلك أنه أرسل لقتل سفيان قبل دخوله مكّة، فجاء سفيان إلى الفضيل، وسفيان بن عيينة، فضرع لهما، وجلس بينهما، فقالا: اتق الله ولا تشمت بنا الأعداء [٤] ،


[١] البيت في «مرآة الجنان» لليافعي (١/ ٣٥٦) وروايته فيه:
ادخل القصر لا تخاف زوالا ... بعد ستّين من سنيك رحيل
[٢] قال الزركليّ: هو علي بن محمد بن عبد الله المدائني، أبو الحسن، راوية مؤرّخ، كثير التصانيف، من أهل البصرة. سكن المدائن، ثم انتقل إلى بغداد، فلم يزل بها إلى أن توفي سنة (٢٢٥) هـ. أورد ابن النديم أسماء نيّف ومائتي كتاب من مصنفاته في المغازي، والسيرة النبوية، وأخبار النساء، وتاريخ الخلفاء، وتاريخ الوقائع، والفتوح، والجاهليين، والشعراء، والبلدان. قال ابن تغري بردي: وتاريخه أحسن التواريخ وعنه أخذ الناس تواريخهم. بقي من كتبه «المردفات من قريش» مطبوع، و «التعازي» خطّي.
انظر «الأعلام» (٤/ ٣٢٣) وسوف ترد ترجمته في المجلد الثالث إن شاء الله.
[٣] (١/ ٢٢٣) وقد نقل المؤلف القصة عنه بتصرّف واختصار فراجعها فيه فهي مفيدة.
[٤] في الأصل، والمطبوع: «الأعبد» وما أثبته من «تهذيب الأسماء واللغات» .

<<  <  ج: ص:  >  >>