للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: في كلام «العبر» ما يشعر بأن هناك من لم يوثّقه، ولهذا تعجب اليافعيّ [١] من نقل الذّهبي لتوثيقه عن واحد وغيره، مع ظهور فضله، وكراماته، واجتهاده عند الخاص والعام، حتّى يقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد، فقيل: له [لم] [٢] لم تتكلّم في العلوم وتنفع النّاس، فقال: «كلّما هممت بشيء من ذلك يمنعني أمور، منها: إذا قال الله تعالى يوم القيامة: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ٣٦: ٥٩ [يس: ٥٩] مع من أكون- في كلام يطول- وكان أول انقطاعه إلى الله تعالى بعد أن كان أحد الملوك، أنه سمع هاتفا من قربوس سرجه [٣] .

وروي أنه قعد تحت رمانة ومعه محمّد بن المبارك الصّوري، فصليا تحتها، فخاطبته الرّمّانة بأن يأكل منها شيئا، فأخذ رمّانتين، فأكل واحدة، وناول صاحبه الأخرى، وكانت قصيرة حامضة، فعادت حلوة عالية، تثمر في كل عام مرتين، وسميت رمّانة العابدين.

ومناقبه وكراماته لا تحصى، ومن شعره رحمه الله تعالى:

تركت الخلق طرّا في رضاكا ... وأيتمت العيال لكي أراكا

فلو قطّعتني في الحبّ إربا ... لما حنّ الفؤاد إلى سواكا [٤]

والله أعلم [٥] .


[١] انظر كلامه في «مرآة الجنان» (١/ ٣٦٤- ٣٦٥) فهو مفيد.
[٢] لفظة «لم» سقطت من الأصل، وأثبتها من المطبوع.
[٣] قال ابن منظور: القربوس: حنو السّرج. وحنو السّرج: كل عود معوج من عيدانه. انظر «لسان العرب» (قربس) و (حنا) .
[٤] البيتان في «مرآة الجنان» لليافعي (١/ ٣٦٥) .
[٥] للتوسع في دراسة سيرة هذا الإمام الكبير راجع ترجمته ومصادرها في «سير أعلام النبلاء» للذهبي (٧/ ٣٨٧- ٣٩٦) تحقيق صديقي الفاضل الأستاذ علي أبو زيد، بإشراف الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط، طبع مؤسسة الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>