للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تكبّر وضع، ومن تواضع رفع، ومن ظلم خذل، وإن وصل الأمر إليّ وصلت من قطعت، وبررت من حرمت، وصيّرت أولادك أعلى من أولادي، وزوّجتهم بناتي، وقضيت بذلك حقّ الإمام المهديّ، فانجلى عن موسى الغضب، وبان السّرور في وجهه، وقال: ذلك الظن بك يا أبا جعفر، أدن منّي، فقام هارون فقبّل يده، ثم ذهب ليعود إلى مجلسه، فقال له موسى:

والشيخ الجليل، والملك النبيل، لا جلست إلّا معي في صدر المجلس، ثم قال يا خزائني! احمل إليه [١] الساعة ألف ألف دينار، فإذا فتح الخراج فاحمل إليه نصفه [٢] فلما أراد هارون الرّشيد الانصراف، قدّمت دابته إلى البساط.

قال عمرو الرّوميّ: فسألت الرّشيد عن الرؤيا، فقال: قال المهديّ:

رأيت في منامي كأني دفعت إلى موسى قضيبا، وإلى هارون قضيبا، فأما قضيب موسى فأورق أعلاه قليلا، وأما قضيب هارون فأورق من أوله إلى آخره، فقصّ الرؤيا على الحكيم [٣] ابن إسحاق الصّيمريّ [٤] فكان يعبرها، فقال له: يملكان جميعا، فأما موسى فتقلّ أيامه، وأما هارون فيبلغ آخر ما عاش خليفة، وتكون أيامه أحسن الأيام، ودهره أحسن الدهور.

وقال عمرو الرّوميّ: فلما أفضت الخلافة إلى هارون زوّج ابنته حمدونة من جعفر بن موسى، وفاطمة من إسماعيل بن موسى، ووفى له بكل ما وعده.

وفيها بويع الرّشيد، ومن الاتفاق العجيب أنّ الرّشيد سلّم عليه بالخلافة


[١] في «مروج الذهب» : «يا خزّاني! احمل إلى أخي» .
[٢] في الأصل والمطبوع: «نصفها» وأثبت ما في «مروج الذهب» .
[٣] في الأصل، والمطبوع: «الحكم» والتصحيح من «مروج الذهب» .
[٤] لم أقف على ذكر له فيما بين يدي من كتب الرجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>