للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: نعم. قلت: أنشدك الله من أعلم بالقرآن؟ قال: صاحبكم. قلت: فمن أعلم بالسّنّة؟ قال: صاحبكم. قلت: فمن أعلم بأقاويل الصحابة؟ قال:

صاحبكم. قلت: فما بقي إلّا القياس، وهو لا يكون إلّا على هذه الأشياء، وكان مالك [يأتي المسجد، و] [١] يشهد الصلوات الخمس والجمعة، ويصلي على الجنائز، ويعود المرضى، ويقضي الحقوق، وأكثر جلوسه في المسجد، ثم ترك ذلك فكان يصلي وينصرف، وترك حضور الجنائز، ثم ترك الكلّ، وسعي به إلى جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عبّاس، وقيل له: إنه لا يرى خلافتكم، فضربه سبعين سوطا، ومدّت [٢] يده حتّى انخلعت [كتفه] [٣] فلم يزل بعد ذلك في [علوّ، و] [٤] رفعة، كأنما كانت [٥] السياط حليّا حلّي به.

ولما ورد المنصور المدينة، أراد أن يقيده منه، فقال: والله ما ارتفع سوط منها عن بدني إلّا وقد جعلته في حلّ لقرابته من رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وقيل:

ضرب لفتوى لم توافق أغراضهم. وقيل: إنه حمل إلى بغداد وقال له واليها:

ما تقول في نكاح المتعة؟ فقال: هو حرام، فقيل له: ما تقول في قول عبد الله بن عبّاس فيها؟ فقال: كلام غيره فيها أوفق لكتاب الله تعالى، وأصرّ على القول بتحريمها، فطيف به على ثور مشوّها، فكان يرفع القذر عن وجهه ويقول: يا أهل بغداد من لم يعرفني فليعرفني، أنا مالك بن أنس، فعل بي ما ترون لأقول بجواز نكاح المتعة ولا أقول به، ثم بعد ذلك لم يزده الله تعالى إلّا رفعة، وكان ذلك كالتميمة له، فجزاه الله تعالى عن نفسه والأمة خيرا.


[١] زيادة من «مرآة الجنان» (١/ ٣٨٩) وهو المصدر الذي نقل عنه المؤلف بتصرّف.
[٢] أي جذبت. انظر «لسان العرب» (مدد) .
[٣] زيادة من «مرآة الجنان» .
[٤] زيادة من «مرآة الجنان» .
[٥] في الأصل، والمطبوع: «كان» ، وأثبت ما في «مرآة الجنان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>