للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد بن جعفر: أبو يوسف مشهور الأمر، ظاهر الفضل، وهو أفقه أهل عصره، ولم يتقدم عليه أحد في زمانه. وكان بالنهاية في العلم، والحلم، والرياسة، والقدر، والجلالة. وهو أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة، وأملى المسائل ونشرها، وبثّ علم أبي حنيفة في أقطار الأرض.

وقال الصّيمريّ: بلغني أن الرّشيد- رحمه الله- مشى أمام جنازة أبي يوسف- رحمه الله- وصلّى عليه بنفسه، ودفنه في مقبرة أهله في مقابر قريش بكرخ بغداد بقرب أمّ جعفر زبيدة.

وقال الرّشيد حين دفن أبو يوسف: ينبغي لأهل الإسلام أن يعزّي بعضهم بعضا بأبي يوسف.

قيل: رأى معروف الكرخيّ ليلة وفاة أبي يوسف كأنه دخل الجنة فرأى قصرا قد فرشت مجالسه وأرخيت ستوره، وقام ولدانه. قال معروف: فقلت:

لمن هذا القصر؟ فقيل: لأبي يوسف القاضي. فقلت: سبحان الله، وبم استحقّ هذا من الله تعالى؟ قالوا: بتعليمه الناس العلم وصبره على أذاهم.

قيل: مرض أبو يوسف- رحمه الله- في حياة أبي حنيفة- رضي الله عنه- مرضا شديدا فقيل له: توفي، فقال: لا، فقيل: من أين علمت هذا؟

قال: لأنه خدم العلم ولم يجن ثمرته، لا يموت حتّى يجني ثمرته. فاجتنى ثمرته بأن ولي القضاء، وتوفي وله سبعمائة ركاب ذهب، فصدق أبو حنيفة- رضي الله عنه- في الفراسة. انتهى ما ذكره ابن الفرات.

وفيها، وقيل: قبلها أو بعدها، توفي يونس بن حبيب النحويّ، أحد الموالي المنجبين، أخذ الأدب عن أبي عمرو بن العلاء وغيره. وهو في الطبقة الخامسة من الأدب بعد علي- كرّم الله وجهه- اختلف إليه أبو عبيد

<<  <  ج: ص:  >  >>