للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضل بن يحيى متشاغل بالصيد وإدمان اللّذات عن النظر في أمر الرعيّة، فلما قرأه الرّشيد رمى به إلى يحيى، وقال له: اقرأ هذا الكتاب واكتب إليه بما يردعه عن هذا، فكتب يحيى على ظهر كتاب صاحب البريد: حفظك الله يا بني وأمتع بك، قد انتهى إلى أمير المؤمنين ما أنت عليه من التشاغل بالصيد ومداومة اللّذات عن النظر في أمر [١] الرعية ما أنكره، فعاود ما هو أزين بك، فإنه من عاد إلى ما يزينه وترك ما يشينه لم يعرفه أهل بلده إلّا به [٢] والسّلام، وكتب في أسفله هذه الأبيات:

انصب نهارا في طلاب العلا ... واصبر على فقد لقاء الحبيب

حتّى إذا اللّيل أتى مقبلا ... واستترت فيه عيون الرقيب

فكابد اللّيل بما تشتهي ... فإنما اللّيل نهار الأريب

كم من فتى تحسبه ناسكا ... يستقبل الليل بأمر عجيب

غطّى عليه اللّيل أستاره ... فبات في لهو وعيش خصيب

ولذّة الأحمق مكشوفة ... يسعى بها كلّ عدوّ رقيب [٣]

والرّشيد ينظر إلى ما يكتب، فلما فرغ قال: قد [٤] أبلغت يا أبت، ولما ورد الكتاب على الفضل لم يفارق المسجد [نهارا] [٥] إلى أن انصرف من عمله.

ومن مناقبه أنه لما ولي [٦] خراسان، دخل إلى بلخ وهي [٧] وطنهم،


[١] في «وفيات الأعيان» : «أمور» .
[٢] في «وفيات الأعيان» : «إلى ما يزينه أو يشينه لم يعرفه أهل دهره إلا به» .
[٣] الأبيات في «وفيات الأعيان» (٤/ ٢٨) .
[٤] لفظة «قد» لم ترد في «وفيات الأعيان» .
[٥] زيادة من «وفيات الأعيان» .
[٦] في «وفيات الأعيان» : «لما تولى» .
[٧] في «وفيات الأعيان» : «وهو» .

<<  <  ج: ص:  >  >>