للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقسم ما تركي عتابك عن قلى ... ولكن لعلمي أنّه غير نافع

وإني وإن لم ألزم الصّبر طائعا ... فلا بدّ منه مكرها غير طائع [١]

وفي ثالث جمادى الآخرة توفي هارون الرّشيد أبو جعفر بن المهدي محمد بن المنصور بن عبد الله العبّاسي بطوس. روى عن أبيه، وجدّه، ومبارك بن فضالة، وحجّ مرّات في خلافته، وغزا عدة غزوات، حتّى قيل فيه:

فمن يطلب لقاءك أو يرده ... فبالحرمين أو أقصى الثّغور [٢]

وكان شهما، شجاعا، حازما، جوادا، ممدّحا، فيه دين وسنّة مع انهماكه على اللّذات، والقيان، وكان أبيض، طويلا، سمينا، مليحا، قد وخطه الشّيب. وورد أنه كان يصلّي في اليوم مائة ركعة إلى أن مات.

ويتصدّق كل يوم من بيت ماله بألف درهم. وكان يخضع للكبار ويتأدب معهم.

وعظه الفضيل، وابن السمّاك، وغيرهما. وله مشاركة في الفقه، والعلم، والأدب. قاله في «العبر» [٢] .

وقال ابن الفرات: كان الرّشيد يتواضع لأهل العلم والدّين، ويكثر من محاضرة العلماء والصالحين.

قال عليّ بن المديني: سمعت أبا معاوية الضّرير يقول: أكلت مع الرّشيد طعاما يوما من الأيام، فصبّ على يديّ رجل لا أعرفه، فقال هارون:

يا أبا معاوية! تدري من يصبّ على يديك؟ قلت: لا. قال: أنا. قلت: أنت أمير المؤمنين! قال: نعم إجلالا للعلم.


[١] لم أجد الأبيات في «ديوانه» طبع دار صادر، وهي في «مرآة الجنان» (١/ ٤٤٧) مع بعض الخلاف.
[٢] (١/ ٣١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>