للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقرب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منّا؟ فاستعفاه فلم يعفه، وكرّر ذلك مرارا، فلم يعفه، فقال له يحيى بعد لجاج عظيم: لو بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أكان له أن يتزوج فيكم؟ فقال الرّشيد: نعم، قال: فنحن له أن يتزوج فينا؟ قال: لا.

قال: فهذه حسب، فأنف الرّشيد وغضب، وطلب الفقهاء، فاستفتاهم في نقض أمان يحيى، فأحجم بعضهم، وتكلم بعضهم بموجب العلم أنه لا سبيل إلى نقضه، وقال بعضهم: هذا رجل شقّ عصا المسلمين، وسفك الدماء، لا أمان له، فأمر الرّشيد بحبسه، وضيّق عليه حتّى مات محبوسا.

وقيل: إنه شدّ إلى جدار، وسمر على يديه ورجليه، وسدّ عليه المنافذ حتّى مات، وقيل: إنه وقع رقعة [١] ودفعها إلى يحيى بن خالد وحرّج عليه بوقوفه بين يدي الله إلّا كتمها إلى موته، ثم يدفعها إلى هارون، فدفعها بعد موته إلى هارون، فإذا فيها:

بسم الله الرّحمن الرّحيم، يا هارون المستعدى [عليه] [٢] ، قد تقدم والخصم بالأثر، والقاضي لا يحتاج إلى بيّنة.

وأما إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنّى فإنه لما انفلت من وقعة فخّ لحق بالمغرب ومعه ابن أخيه محمد بن سليمان الذي قتل بفخّ، فتمكن بها ودعا ونشر دعوته، وأجابوه، واستعمل ابن أخيه على أدنى المغرب من تاهرت إلى فاس، وبقي بها وولده يتوارثونها، وانتشر ملكهم، واستقروا.

يقال: إن إدريس أدرك بالسمّ إلى هناك، وأوصى إلى ابنه إدريس بن إدريس، فقام بالأمر إحدى وعشرين سنة، وأوصى إلى ابنه إدريس المثلث، وكان أحد العلماء.

قال صاحب كتاب «روضة الأخبار» : وهم على ذلك إلى هذه الغاية،


[١] في المطبوع: «وقع في رقعة» .
[٢] لفظة «عليه» لم ترد في الأصل وأثبتها من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>