للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الزّاغ] [١] فأنشدته:

أغرّك أن أذنبت ثمّ تتابعت ... ذنوب فلم أهجرك ثمّ ذنوب

وأكثرت حتّى قلت ليس بصارمي ... وقد يصرم الإنسان وهو حبيب [٢]

فصاح: زاغ زاغ زاغ، ثم طار، وسقط في القمطرة [٣] ، فقلت ليحيى:

أعزّ الله القاضي، وعاشق أيضا؟! فضحك، فقلت: أيها القاضي ما هذا؟

فقال: هو ما ترى [٤] ، وجّه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين، وما رآه بعد، وكتب كتابا لم أفضضه وأظنه ذكر فيه [٥] شأنه وحاله. انتهى.

وقال ابن خلّكان [٦]- رحمه الله-: رأيت في بعض الكتب أن المأمون رحمه الله كان يقول: لو وصفت الدّنيا نفسها لما وصفت بمثل قول أبي نواس:

ألا كلّ حيّ هالك وابن هالك ... وذو نسب في الهالكين عريق

إذا امتحن الدّنيا لبيب تكشّفت ... له عن عدوّ في ثياب صديق [٧]

انتهى.

وقال المأمون: الإخوان ثلاث طبقات: طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه أبدا، وهم إخوان الصفا، وإخوان كالدواء يحتاج إليهم في بعض الأوقات، وهم الفقهاء. وإخوان كالداء لا يحتاج إليهم أبدا، وهم المنافقون.

وكان سبب وفاة المأمون- رحمه الله تعالى- أنه جلس على شاطئ نهر


[١] سقطت من الأصل، والمطبوع واستدركتها من «الجليس والأنيس» .
[٢] البيتان في «سير أعلام النبلاء» (١٢/ ١٢- ١٣) ، ولفظ البيت الثاني منهما فيه:
وأكثرت حتى قلت ليس بصارمي ... وقد يصدم الإنسان وهو حبيب
وقد ساق الذهبي فيه هذه القصة باختصار في ترجمة يحيى بن أكثم.
[٣] في المطبوع، و «الجليس والأنيس» : «في القمطر» .
[٤] في «الجليس والأنيس» : «قال: هو ما تراه» .
[٥] في «الجليس والأنيس» : «وأظن أنه ذكر في الكتاب» .
[٦] في «وفيات الأعيان» (٢/ ٩٧) .
[٧] البيتان في «ديوانه» ص (٤٦٥) طبع دار صادر، ورواية الأول منهما فيه:
أرى كل حي هالكا وابن هالك ... وذا نسب في الهالكين عريق

<<  <  ج: ص:  >  >>