للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسيرة أخيك، واعمل في الخلافة إذا طوّقكها الله عمل المريد لله الخائف من عقابه، ولا تغترّ بالله وإمهاله، فكأن قد نزل بك الموت، ولا تغفل عن أمر الرعية، فإنما الملك يقوم بهم [١] . ولا يتبين لك أمر فيه صلاح المسلمين إلّا وقدّمه على غيره وإن خالف هواك، وخذ من قويّهم لضعيفهم، واتق الله في أمرك كله، والسلام.

ثم قال: هؤلاء بنو عمك لا تغفل عن صلاتهم فإنها واجبة عليك، ثم تلا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ٣: ١٠٢ [آل عمران: ١٠٢] . وكانت وفاته يوم الخميس لاثنتي عشرة [٢] ليلة بقيت من شهر رجب سنة ثماني عشرة ومائتين، ونقله ابنه العبّاس إلى طرسوس فدفنه بها، ووكل بقبره مائة من الحرس، وأجرى على كل رجل منهم تسعين درهما في كل شهر، وكان له عدة أولاد، لم يشتهر منهم سوى العبّاس، وعليّ، فأما العبّاس فكان مغرما بشراء الضياع والعقار، وكان المعتصم مغرى [٣] بجمع المال واقتناء الغلمان والعدة والرجال. قاله ابن الفرات.

وفي هذه السنة عهد المأمون بالخلافة إلى أخيه المعتصم، فأمر بهدم طوانة، وبنقل ما فيها، وبصرف أهلها إلى بلادهم.

وفيها دخل خلق من أهل بلاد همذان [٤] في دين الخرّمية المجوس الباطنية، وعسكروا، فندب المعتصم لهم أمير بغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، فالتقاهم في ذي الحجّة بأرض همذان فكسرهم وقتل منهم ستّين ألفا وانهزم من بقي إلى ناحية الرّوم.


[١] في الأصل: «فإنما الملك إنما يقوم بهم» ، وأثبت لفظ المطبوع.
[٢] في الأصل: «لاثني عشرة» .
[٣] أي مولعا. انظر «لسان العرب» (غرا) .
[٤] في الأصل: «همدان» وهو خطأ، وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب، فهمدان اسم لقبيلة من قبائل العرب، وهمذان إقليم من أقاليم إيران في أيامنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>