للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزوجها الرابعة بلا محلل لأنه يعتقد أن الخلع فسخ ثم تغير اجتهاده وهو باق معها بذلك النكاج. قال إِن حكم حاكم بصحة هذا النكاح لم يجب عليه مفارقتها، وإِن تغير اجتهاده لما يلزم في فراقها من تغيير حكم الحاكم في المجتهدات، وإِن لم يحكم حاكم بصحته قبل تغيير اجتهاده ففيه تردد، واختار الغزالي (١) أنه يجب مفارقتها وبه جزم غيره (٢) لما يلزم من إِمساكها من الوطء الحرام معتقده الثاني (٣).


(١) انظر المصدر السابق الإِحالة السابقة.
(٢) من هؤلاء الفخر الرازي راجع كتابه المحصول في علم أصول الفقه جـ ٢ ق ٣ ص ٩١.
(٣) يظهر من هذه المسألة - والله أعلم - أن محل الإِتفاق على عدم نقض الاجتهاد إِنما هو في حالة ما إِذا حكم حاكم في مسألة اجتهادية. أما إِذا لم يحكم به حاكم ففي نقض الحكم المجتهد فيه باجتهاد مثله ما يفيد الخلاف. راجع للاطلاع على ما يؤيد ما ذهبت إِليه المستصفى جـ ٢ ص ٣٨٢. والمحصول ح ٢ ق ٣ ص ٩٠/ ٩١ وقد أشار إِلى ما قلت هنا المؤلف بقوله: واستثنى الغزالي ... إلى آخر المسألة. وأشار إِليه أيضًا الإِمام النووي وإِن كان لم يعتبر ما ذهب إِليه الغزالي والفخر الرازى خلافًا صريحًا. قال في مقدمة المجموع جـ ١ ص ٤٥: "وكذا إن نكح بفتواه واستمر على نكاح بفتواه ثم رجع لزمه مفارقتها كما لو تغير اجتهاد من قلده في القبلة في أثناء صلاته، وإِن كان عمل قبل رجوعه فإِن خالف دليلاً قاطعًا لزم المستفتي نقض عمله، وإِن كان في محل اجتهاد لم يلزمه نقضه لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، واتفقوا عليه، ولا أعلم خلافه، وما ذكره الغزالى والرازى ليس فيه تصريح بخلافه" وأشار إلى ما قلته هنا أيضًا ابن الهمام في التحرير راجعه مع التقرير والتحبير جـ ٣ ص ٣٣٥. وتيسير التحرير جـ ٢ ص ٢٣٤/ ٢٣٥. وكذا ذكر العضد أيضًا بعد أن نقل اتفاق العلماء على عدم نقض الاجتهاد في المسائل المجتهد فيها سواء من نفسه أو من غيره. ذكر فرعًا على صورة الاستثناء، راجع شرحه على مختصر ابن الحاجب جـ ٢ ص ٣٠٠. وفي كتاب أدب القضاء لابن أبي الدم ص ١٢٥ وما بعدها ذكر فيما لو خالف الاجتهاد خبر الواحد الصحيح أن في نقضه خلاف بين فقهاء الشافعية وعدد فروعًا كثيرة جرى الخلاف في نقضها ونقل تصحيحات لفقهاء الشافعية مختلفة من فرع لآخر. وما نقله ابن أبي الدم يؤيد ما ذكرته في هامش ٣ ص ٣٣٩/ ٣. من أن لفظ النص إِذا كان المؤلف يريد به الكتاب والسنة مطلقًا ففيه تجوز. والله أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>