للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: الخروج من الخلاف، فإِن أبا حنيفة يوجب القصر (١)، ولا يُجَوِّزُ الجمعَ إِلا بمنى وعرفة ومزدلفة (٢).

الوجه الثاني: أن الجمع يلزم منه إِخلاء العبادة عن وقتها بخلاف القصر (٣).

الوجه الثالث: أن الأحاديث الواردة في الجمع ليس فيها إلَّا مجرد فعله عليه الصلاة والسلام، وذلك يدل على الجواز، ولا يلزم منه الاستحباب.

وفي الثالث نظر؛ لأن الراجح من مذهب الشافعي: أن فعله صلى الله عليه وسلم يقتضي الندب فيما ظهر فيه قصد القربة (٤).

وقد يمنع أن مطلق الجمع ظهر فيه قصد القربة، وقد صرح الصحابي بأنه عليه


(١) انظر: مختصر القدورى (الكتاب) مع اللباب (١/ ١٠٦)، والهداية (١/ ٨٠).
(٢) أبو حنيفة - رحمه الله - لا يقول بجواز الجمع بمنى، فهذا وهم من المؤلف. أما جواز الجمع بعرفة ومزدلفة فانظره في: مختصر القدورى مع اللباب (١/ ١٨٨، ١٩٠)، والهداية (١/ ١٤٣، ١٤٥).
ومما ينبغي التنبيه عليه أن كلمة (عرفة) من المحتمل أنها مضروب عليها بالقلم، ويؤيد ذلك سقوطها في النسخة الأخرى: ورقة (١٩/ ب)، فلحل المؤلف أدرك الوهم الذى ذكرتُه آنفًا، فأراد أن يضرب بالقلم على (مبني) فضرب على (عرفة).
(٣) هكذا في المخطوطة والمجموع المذهب. وقال المتولي: - "ترك الجمع أفضل؟ لأن فيه إخلاء وقت العبادة من العبادة فأشبه الصوم والفطر". المجموع (٤/ ٢٣٢).
(٤) قال الجويني عن هذا الرأي في معرض ذكره للآراء في هذه المسألة: "وفي كلام الشافعي ما يدل على ذلك" البرهان (١/ ٤٨٩)، وذكر بعض الأصوليين أن هذا القول منسوب إلى الشافعي دون تصريح بأنه الراجح من مذهبه، انظر مثلا: المحصول للرازي (جـ ١/ ق ٣/ ٣٤٦)، والأحكام للآمدي (١/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>