للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجح الجمهور التحريم؛ لأن حديثه في الصحيحين (١)، ولأن ذلك يبطل كون الكلب معلما أو يظن، فيجتمع الحل والحرمة. وقال الإِمام (٢): "وددت لو فرق فارق بين أن يَنْكَفَّ زمانًا ثم يأكل، وبين أن يأكل بنفس الأخذ؛ لكن لم يتعرضوا له". وقد صرح بهذا الفرق جماعة منهم: الجرجاني (٣) وابن الصباغ (٤) والعمراني (٥) والدارمي (٦)، فخصوا القولين بما إِذا أكل منه عقب العقر، فإِن أكل بعد طول الفصل فهو حلال قطعاً. ولا ريب في [أنّ] (٧) حمل الحديثين على هاتين الحالتين للجمع أولى من الترجيح، وكذا ينبغي الجمع بين قولي الشافعي.

ومنها: إِذا رمى صيداً فأصابه، ثم غاب عنه، ثم وجده ميتاً وليس فيه أثر غير


(١) ذكر الآمدى مرجحات الخبر العالًدة إِلى نفس الرواية، وقال في سادسها: - "السادس: أن يكون أحدهما مسنداً إِلى كتاب موثوق بصحته كمسلم والبخارى، والآخر مسنداً إلى كتاب غير مشهور بالصحة ولا بالسقم كسنن أبي داود ونحوها، فالمسند إِلى الكتاب المشهور بالصحة أولى" الإِحكام (٤/ ٣٣٢).
(٢) ذكر النووى قول الإِمام في المجموع (٩/ ٩٢)، والروضة (٣/ ٢٤٧).
(٣) حيث قال: "وإن أكل الكلب من الصيد غير متصل بالعقر حل، وإن أكله متصلاً بالعقر فعلى قولين أصحهما يحل" التحرير: ورقة (١٥٣ / ب) وهو مصور على فيلم في معهد المخطوطات بالقاهرة تحت رقم (٩١ / فقه شافعي).
(٤) ورد كلام ابن الصباغ في هذا الشأن في الشامل، ج ٦: ورقة (١٩٣/ أ، ب).
وقد اكتفيت بالإشارة إِلى موضعه، ولم أذكره لطوله.
(٥) قال العمراني: "فأما إِذا أكل منه، فإِن كانت الجارحة من سباع البهائم كالكلب والفهد والنمر، نظرت فإن قتل الصيد ثم مضى عن الصيد ثم رجع إِليه وأكل منه لم يحرم أكله قولاً واحداً. وإن أكل منه عقيب قتله ففيه قولان". البيان: ج ٢: ورقة (٢٨٨ / ب).
(٦) ذكر النووى نص كلام الدارمى، كما ذكر كلام العلماء المتقدمين عليه، وعقب عليه بكلام مقارب للكلام التالي الذى ذكره المؤلف، انظر: المجموع (٩/ ٩٢).
(٧) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المخطوطة، وبه يستقيم الكلام، وقد أخذته من المجموع المذهب: ورقة (٩٥ / ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>