للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرِقُونَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَاب، قَالَ: فَسَدَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ.

===

ويقال: سدل شعره وثوبه؛ إذا أرسله ولم يضم جوانبه (وكان المشركون) من العرب (يفرقون) شعورهم؛ أي: يقسمون شعورهم على جوانب رؤوسهم؛ أي: على القرنين.

وقوله: (يفرقون) من فرق؛ من بابي نصر وضرب؛ إذا قسمه على الجانبين، وجعل له مفرقًا؛ من الفرق؛ وهو جعل شعر الرأس فرقتين على الجانبين وبينهما مفرق؛ والفرق سنة؛ لأنه هو الذي رجع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما تركه أولًا (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب) فيما؛ أي: في أمر لم يؤمر به؛ أي: لم يؤمر فيه بشيء من الفعل أو الترك؛ أي: يحب موافقتهم فيما لا يخالف شرعه؛ لأن أهل الكتاب كانوا في زمانه صلى الله عليه وسلم متمسكين ببقايا من شرائع الرسل، فكانت موافقتهم أحب إليه من موافقة عباد الأوثان.

(قال) ابن عباس: (فسدل) أي: أرسل (رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته) أي: شعر ناصيته على الجبين والجبهة موافقةً لأهل الكتاب لما ذكر، فلما أسلم غالب عباد الأوثان، ولم يسلم أهل الكتاب عنادًا له .. أحب صلى الله عليه وسلم حينئذ مخالفة أهل الكتاب فيما وافقهم فيه أولًا؛ من سدل الشعر على الناصية (ثم فرق) شعره؛ أي: جعله فرقتين على الجانبين (بعد) أي: بعدما سدله أولًا موافقة لهم، وقيل: إنه فعل ذلك السدل أولًا؛ لاستئلافهم، فلما ظهر الدين واستغنى عن استئلافهم .. أمر بمخالفتهم، والتعليل الأول أولى وأوفق.

قوله: (ثم فرق بعد) ومن ثم ذهب جماعة من العلماء إلى كونه سنة، وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>